المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

19- ولكل من المسلمين والكفار منازل ملائمة لما عملوا ليظهر عدل الله فيهم ، وليوفيهم جزاء أعمالهم وهم لا يظلمون ، لاستحقاقهم ما يجزون به .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

{ وَلِكُلٍّ } من أهل الخير وأهل الشر { دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا } أي : كل على حسب مرتبته من الخير والشر ومنازلهم في الدار الآخرة على قدر أعمالهم ولهذا قال : { وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } بأن لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

ثم بين - سبحانه - مظهرا من مظاهر عدالته فى حكمه بين عباده فقال : { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .

والتنوين فى قوله { وَلِكُلٍّ } عوض عن المضاف إليه المحذوف ، والجار والجرور فى قوله { مِّمَّا عَمِلُواْ } صفة لقوله { دَرَجَاتٌ } ، و { مِّنَ } بيانية ، { مَّا } موصولة .

وقوله : { وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ } علة لمحذوف . . والمعنى : ولك فريق من الفريقين : فريق المؤمنين المعبر عنهم بقوله : - تعالى - : { أولئك الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ . . } وفريق الكافرين المعبر عنهم بقوله - تعالى - : { أولئك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول } . لكل فريق من هؤلاء وهؤلاء { دَرَجَاتٌ } حاصلة من الذى عملوه من الخير والشر ، وقد فعل - سبحانه - ذلك معهم ، ليوفيهم جزاء أعمالهم .

{ وَهُمْ } جميعا { لاَ يُظْلَمُونَ } شيئا ، بل كل فريق منهم يجازى على حسب عمله . كما قال - تعالى - : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

15

وبعد بيان العاقبة والجزاء إجمالا للمهتدين والضالين ، يصور دقة الحساب والتقدير لكل فرد من هؤلاء وهؤلاء على حدة :

( ولكل درجات مما عملوا ، وليوفيهم أعمالهم ، وهم لا يظلمون ) . .

فلكل فرد درجته ، ولكل فرد عمله ، في حدود ذلك الإجمال في جزاء كل فريق .

وبعد ، فهذان النموذجان عامان في الناس ، ولكن مجيئهما في هذا الأسلوب ، الذي يكاد يحدد شخصين بذواتهما أوقع وأشد إحياء للمثل كأنه واقع .

ولقد وردت روايات أن كلا منهما يعني إنسانا بعينه . ولكن لم يصح شيء من هذه الروايات . والأولى اعتبارهما واردين مورد المثل والنموذج . يدل على هذا الاعتبار صيغة التعقيب على كل نموذج . فالتعقيب على الأول : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة . وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) . . والتعقيب على الثاني : ( أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس ، إنهم كانوا خاسرين ) . . ثم التعقيب العام : ( ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم ، وهم لا يظلمون ) . . وكلها توحي بأن المقصود هو النموذج المكرر من هؤلاء وهؤلاء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

وقوله : { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا } أي : لكل عذاب بحسب عمله ، { وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } أي : لا يظلمهم مثقال ذرة فما دونها .

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : درجات النار تذهب سفالا ودرجات الجنة تذهب علوا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

{ ولكل } من الفريقين . { درجات مما عملوا } مراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر ، أو من أجل ما عملوا وال { درجات } غالبة في المثوبة وها هنا جاءت على التغليب . { وليوفيهم أعمالهم } جزاءها ، وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وابن ذكوان بالنون . { وهم لا يظلمون } بنقص ثواب وزيادة عقاب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

وقوله تعالى : { ولكل درجات } يعني المحسنين والمسيئين . قال ابن زيد : ودرجات المحسنين تذهب علواً ، ودرجات المسيئين تذهب سفلاً .

وقرأ أبو عبد الرحمن : «ولتوفيهم » بالتاء من فوق ، أي الدرجات . وقرأ جمهور الناس : «وليوفيهم » بالياء . وقرأ نافع بخلاف عنه ، وأبو جعفر وشيبة والأعرج وطلحة والأعمش : «ولنوفيهم » بالنون : قال اللؤلؤي في حرف أبي بن كعب وابن مسعود : «ولنوفينّهم » بنون أولى ونون ثانية مشددة ، وكل امرئ يجني ثمرة عمله من خير أو شر ولا يظلم في مجازاته ، بل يوضع كل أمر موضعه من ثواب أو عقاب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

عطف على الكلام السابق من قوله : { أولئك الذين يتقبل عنهم } [ الأحقاف : 16 ] ثم قوله : { أولئك الذين حق عليهم القول } [ الأحقاف : 18 ] الخ .

وتنوين ( كلَ ) تنوين عوض عما تضاف إليه { كل } وهو مقدر يعلم من السياق ، أي ولكل الفريقين المؤمن البار بوالديه والكافر الجامع بين الكفر والعقوق درجات ، أي مراتب من التفاوت في الخبر بالنسبة لأهل جزاء الخير وهم المؤمنون ، ودركات في الشر لأهل الكفر . والتعبير عن تلك المراتب بالدرجات تغليب لأن الدرجة مَرتَبَة في العلو وهو علوّ اعتباري إنما يناسب مراتب الخير وأما المرتبة السفلى فهي الدركة قال تعالى : { إن المنافقين في الدَّرَك الأسفل من النار } [ النساء : 145 ] . ووجه التغليظ التنويه بشأن أهل الخير .

و ( من ) في قوله : { مما عملوا } تبعيضية . والمراد ب { ما عملوا } جَزاء ما عملوا فيقدر مضاف . والدرجات : مراتب الأعمال في الخير وضده التي يكون الجزاء على وفقها . ويجوز كون ( من ) ابتدائية ، وما عملوا نفس العمل فلا يقدر مضاف والدرجات هي مراتب الجزاء التي تكون على حسب الأعمال ، ومقادير ذلك لا يعلمها إلا الله وهي تتفاوت بالكثرة وبالسبق وبالخصوص ، فالذي قال لوالديه أف لكما وأنكر البعث ثم أسلم بعد ذلك قد يكون هو دون درجة الذي بادر بالإسلام وبِرّ والديه وما يعقب إسلامَه من العمل الصالح . وكل ذلك على حسب الدرجات .

وأشار إلى أن جزاء تلك الدرجات كلها بقدر يعلمه الله ، وقوله بعده : { ولنوفيهم أعمالهم } هو علة لمحذوف دل عليه الكلام وتقديره : قدرنا جزاءهم على مقادير درجاتهم لنوفيهم جزاء أعمالهم ، أي نجازيهم تاماً وافياً لا غبن فيه . وقرأ الجمهور { ولنوفيهم } بنون العظمة . وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وهشام عن ابن عَامر ويعقوب بالتحتية مراداً به العَود إلى الله تعالى لأنه معلوم من المقام .

وجملة { وهم لا يظلمون } احتراس منظور فيه إلى توفية أحد الفريقين وهو الفريق المستحق للعقوبة لئلا يُحسب أن التوفية بالنسبة إليهم أن يكون الجزاء أشد مما تقتضيه أعمالهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"وَلِكُلَ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا" يقول تعالى ذكره: ولكلّ هؤلاء الفريقين: فريق الإيمان بالله واليوم الآخر، والبرّ بالوالدين، وفريق الكفر بالله واليوم الآخر، وعقوق الوالدين اللذين وصف صفتهم ربنا عزّ وجلّ في هذه الآيات منازل ومراتب عند الله يوم القيامة، مما عملوا، يعني من عملهم الذي عملوه في الدنيا من صالح وحسن وسيئ يجازيهم الله به..

"وَلِيُوَفّيَهُمْ أعمالَهُمْ "يقول جلّ ثناؤه: وليعطي جميعهم أجور أعمالهم التي عملوها في الدنيا، المحسن منهم بإحسانه ما وعد الله من الكرامة، والمسيء منهم بإساءته ما أعدّه من الجزاء.

"وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ" يقول: وجميعهم لا يظلمون: لا يجازي المسيء منهم إلا عقوبة على ذنبه، لا على ما لم يعمل، ولا يحمل عليه ذنب غيره، ولا يبخس المحسن منهم ثوابَ إحسانه.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{ولكل درجات مما عملوا} وفيه قولان؛

الأول: أن الله تعالى ذكر الولد البار، ثم أردفه بذكر الولد العاق، فقوله {ولكل درجات مما عملوا} خاص بالمؤمنين، وذلك لأن المؤمن البار بوالديه له درجات متفاوتة، ومراتب مختلفة في هذا الباب.

والقول الثاني: أن قوله {لكل درجات مما عملوا} عائد إلى الفريقين، والمعنى ولكل واحد من الفريقين درجات في الإيمان والكفر والطاعة والمعصية، فإن قالوا كيف يجوز ذكر لفظ الدرجات في أهل النار، وقد جاء في الأثر الجنة الدرجات، والنار دركات؟ قلنا فيه وجوه:

(الأول) يجوز أن يقال ذلك على جهة التغليب.

(الثاني) قال ابن زيد: درج أهل الجنة يذهب علوا، ودرج أهل النار ينزل هبوطا.

(الثالث) أن المراد بالدرجات المراتب المتزايدة، إلا أن زيادات أهل الجنة في الخيرات والطاعات، وزيادات أهل النار في المعاصي والسيئات...

ثم قال تعالى: {وليوفيهم} قدر جزاءهم على مقادير أعمالهم فجعل الثواب درجات والعقاب دركات، ولما بين الله تعالى أنه يوصل حق كل أحد إليه بين أحوال أهل العقاب أولا، فقال: {ويوم يعرض الذين كفروا على النار}.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

" وهم لا يظلمون "أي لا يزاد على مسيء ولا ينقص من محسن...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ولكل} أي من فريقي السعداء والبعداء من القبيلتين: الجن والإنس، في الدنيا والآخرة {درجات} أي دركات أي منازل ومراتب متفاضلين فيها {من} أجل {ما عملوا} أو من جوهره ونوعه من الأعمال الصالحة والطالحة...

.

{وليوفيهم} أي ربهم الذي تقدم إقبال المحسن عليه ودعاؤه له...

{أعمالهم} أي جزاءها من خير وشر وجنة ونار -وهذا ظاهر، أو نص في أن الجن يثابون بالإحسان كما يعاقبون بالعصيان، وسورة الرحمن كلها خطاب للثقلين بالثواب لأهل الطاعة، والعقاب لأهل المعصية من كل من القبيلتين...

{وهم} أي والحال أنهم {لا يظلمون} أي لا يتجدد لهم شيء من ظالم ما من ظلم في جزاء أعمالهم بزيادة في عقاب أو نقص من ثواب، بل الرحمانية كما كانت لهم في الدنيا فهي لهم في الآخرة فلا يظلم ربك أحداً بأن يعذبه فوق ما يستحقه من العقاب، أو ينقصه عما يستأهل من الثواب.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(ولكل درجات مما عملوا، وليوفيهم أعمالهم، وهم لا يظلمون).. فلكل فرد درجته، ولكل فرد عمله، في حدود ذلك الإجمال في جزاء كل فريق. وبعد، فهذان النموذجان عامان في الناس...

والأولى اعتبارهما واردين مورد المثل والنموذج. يدل على هذا الاعتبار صيغة التعقيب على كل نموذج. فالتعقيب على الأول: (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة. وعد الصدق الذي كانوا يوعدون).. والتعقيب على الثاني: (أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس، إنهم كانوا خاسرين).. ثم التعقيب العام: (ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم، وهم لا يظلمون).. وكلها توحي بأن المقصود هو النموذج المكرر من هؤلاء وهؤلاء.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجملة {وهم لا يظلمون} احتراس منظور فيه إلى توفية أحد الفريقين وهو الفريق المستحق للعقوبة لئلا يُحسب أن التوفية بالنسبة إليهم أن يكون الجزاء أشد مما تقتضيه أعمالهم.