{ ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا } فتولاهم برحمته ، فأخرجهم من الظلمات إلى النور ، وتولى جزاءهم ونصرهم ، { وَأَنَّ الْكَافِرِينَ } بالله تعالى ، حيث قطعوا عنهم ولاية الله ، وسدوا على أنفسهم رحمته { لَا مَوْلَى لَهُمْ } يهديهم إلى سبل السلام ، ولا ينجيهم من عذاب الله وعقابه ، بل أولياؤهم الطاغوت ، يخرجونهم من النور إلى الظلمات ، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
واسم الإِشارة فى قوله - سبحانه - { ذَلِكَ بِأَنَّ الله مَوْلَى الذين آمَنُواْ وَأَنَّ الكافرين لاَ مولى لَهُمْ } . أى : ذلك التدمير والإِهلاك الذى حل بالمكذبين ، بسبب أن الله - تعالى - هو ولى المؤمنين وناصرهم ومؤيدهم . . . أما الكافرون فلا مولى لهم ينصرهم أو يدفع عنهم ما حل بهم من دمار وخسران .
فالمراد بالمولى هنا : الناصر والمعين ، وأن نصرته - تعالى - هى للمؤمنين خاصة . ولا ينقاض هذا قوله - تعالى - فى آية أخرى : { ثُمَّ ردوا إلى الله . . . } لأن المراد بقوله : { مَوْلاَهُمُ الحق } إلههم الحق ، ومالكهم الحق ، وخالقهم وخالق كل شئ .
( ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا ، وأن الكافرين لا مولى لهم ) . .
ومن كان الله مولاه وناصره فحسبه ، وفيه الكفاية والغناء ؛ وكل ما قد يصيبه إنما هو ابتلاء وراءه الخير ، لا تخليا من الله عن ولايته له ، ولا تخلفا لوعد الله بنصر من يتولاهم من عباده . ومن لم يكن الله مولاه فلا مولى له ، ولو اتخذ الإنس والجن كلهم أولياء . فهو في النهاية مضيع عاجز ؛ ولو تجمعت له كل أسباب الحماية وكل أسباب القوة التي يعرفها الناس !
ثم قال : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ } ، ولهذا لما قال أبو سفيان صخرُ بن حرب رئيس المشركين يوم أحد حين سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن أبي بكر وعمر فلم يجب ، وقال : أما هؤلاء فقد هلكوا ، وأجابه عمر بن الخطاب فقال : كذبت يا عدو الله ، بل أبقى الله لك ما يسوؤك ، وإن الذين عَدَدت لأحياء [ كلهم ] {[26635]} . فقال أبو سفيان : يوم بيوم بدر ، والحرب سِجال ، أما إنكم ستجدون مُثْلَةً لم آمر بها ولم تسؤني ، ثم ذهب يرتجز ويقول : اعل هُبَل ، اعل هبل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تجيبوه ؟ " قالوا : يا رسول الله ، وما نقول ؟ قال : " قولوا : الله أعلى وأجلّ " ثم قال أبو سفيان : لنا العزى ، ولا عُزّى لكم . فقال : " ألا تجيبوه ؟ " قالوا : وما نقول يا رسول الله ؟ قال : " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " {[26636]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.