وقوله : وَفُتِحَتِ السّماءُ فَكانَتْ أبْوَابا يقول تعالى ذكره : وشققت السماء فصدّعت ، فكانت طُرُقا ، وكانت من قبل شِدادا لا فُطُور فيها ولا صدوع . وقيل : معنى ذلك : وفُتحت السماء فكانت قِطعا كقطع الخشب المشقّقة لأبواب الدور والمساكن . قالوا : ومعنى الكلام : وفُتحت السماء فكانت قِطعا كالأبواب ، فلما أسقطت الكاف صارت الأبواب الخبر ، كما يقال في الكلام : كان عبد الله أسدا ، يعني : كالأسد .
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر وشيبة والحسن : «وفتّحت » ، بشد التاء على المبالغة ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي : «وفتَحت » دون شد ، وقوله تعالى : { فكانت أبواباً } قيل معناه : تتفطر وتتشقق حتى يكون فيها فتوح كالأبواب في الجدارات ، وقال آخرون فيما حكى مكي بن أبي طالب : الأبواب هنا فلق الخشب التي تجعل أبواباً لفتوح الجدارات أي تتقطع السماء قطعاً صغاراً حتى تكون كألواح الأبواب . والقول الأول أحسن ، وقال بعض أهل العلم : تتفتح في السماء أبواب الملائكة من حيث يصعدون وينزلون .
جملة هي حال من ضمير { تأتون } [ النبأ : 18 ] .
والتقدير : وقد فتحت السماء ، أي قد حصل النفخ قبلَ ذلك أو معه .
ويجوز أن تكون معطوفة على جملة { ينفخ في الصور } [ النبأ : 18 ] فيعتبر { يوم } [ النبأ : 18 ] مضافاً إلى هذه الجملة على حدّ قوله : { ويوم تَشَّقَّقُ السماء بالغمام } [ الفرقان : 25 ] . والتعبير بالفعل الماضي على هذا الوجه لتحقيق وقوع هذا التفتيح حتى كأنه قد مضى وقوعه .
وفتح السماء : انشقاقها بنزول الملائكة من بعض السماوات التي هي مقرّهم نزولاً يحضرون به لتنفيذ أمر الجزاء كما قال تعالى : { ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً الملك يومئذ الحق للرحمن } [ الفرقان : 25 ، 26 ] .
وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب { وفتحت } بتشديد الفوقية ، وهو مبالغة في فعل الفَتح بكثرة الفتح أو شدته إشارة إلى أنه فتح عظيم لأن شق السماء لا يقدر عليه إلا الله .
وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وخلَف بتخفيف الفوقية على أصل الفعل ومجرد تعلق الفتح بالسماء مشعر بأنه فتح شديد .
وفي الفتح عبرة لأن السماوات كانت ملتئمة فإذا فسد التئامها وتخللتها مفاتح كان معه انخرام نظام العالم الفاني قال تعالى : { إذا السماء انشقت } إلى قوله : { يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه } [ الانشقاق : 1 6 ] .
فالتفتح والفتح سواء في المعنى المقصود ، وهو تهويل { يوم الفصل } [ النبأ : 17 ] .
وفُرع على انفتاح السماء بفاء التعقيب { فكانت أبواباً } أي ذات أبواب .
فقوله { أبواباً } تشبيه بليغ ، أي كالأبواب ، وحينئذ لا يبقى حاجز بين سكان السماوات وبين الناس كما تقدم في قوله تعالى : { تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } [ المعارج : 4 ] .
والإِخبار عن السماء بأنها أبواب جرى على طريق المبالغة في الوصف بذات أبواب للدلالة على كثرة المفاتح فيها حتى كأنها هي أبواب وقريب منه قوله تعالى : { وفجرنا الأرض عيوناً } [ القمر : 12 ] حيث أسند التفجير إلى لفظ الأرض ، وجيء باسم العيون تمييزاً ، وهذا يناسب معنى قراءة التشديد ويؤكده ، ويقيد معنى قراءة التخفيف ويبينه .
و { كانت } بمعنى : صارت . ومعنى الصيرورة من معاني ( كَان ) وأخواتها الأربع وهي : ظَلَّ ، وبَاتَ ، وأَمسى وأَصبح ، وقرينة ذلك أنه مفرّع على { فتحت } ونظيره قوله تعالى : { فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان } [ الرحمن : 37 ] .
والأبواب : جمع باب ، وهو الفُرجة التي يُدخل منها في حائل من سور أو جدار أو حجاب أو خيمة ، وتقدم في قوله تعالى : { وغلقت الأبواب } في سورة يوسف ( 23 ) وقوله : { ادخلوا عليهم الباب } في سورة العقود ( 23 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.