اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ أَبۡوَٰبٗا} (19)

قوله تعالى : { وَفُتِحَتِ السمآء فَكَانَتْ أَبْوَاباً } .

قرأ أبو عامر وحمزة والكسائي : » فُتِحَتْ «خفيفة ، والباقون{[59129]} بالتثقيل .

والمعنى : كُسرتْ أبوابها المفتَّحةُ لنزول الملائكة كقوله تعالى : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام وَنُزِّلَ الملائكة تَنزِيلاً } [ الفرقان : 25 ] .

وقيل : تقطَّعت ، فكانت قطعاً كالأبواب ، فانتصاب الأبواب على هذا بحذف الكاف .

وقيل : التقدير : كانت ذات أبواب ؛ لأنها تصير كلها أبواباً .

وقيل : أبوابها : طرقها .

وقيل : إنَّ لكل عبد باباً في السماء لعمله ، وباباً لرزقه ، فإذا قامت القيامة انفتحت الأبواب .

قال القاضي : هذا الفتح هو معنى قوله : { إِذَا السمآء انشقت } [ الانشقاق : 1 ] ، { إِذَا السمآء انفطرت } [ الانفطار : 1 ] إذ الفتح والتشقق تتقارب .

قال ابنُ الخطيب{[59130]} : وهذا ليس بقوي ؛ لأن المفهوم من فتح الباب غير المفهوم من التَّشقُّق والتفطُّر ، فربما تفتح تلك الأبواب مع أنه لا يحصل في جرم السماء تشقق ولا تفطر ، بل الدلائل الصحيحة دلت على أن حصول فتح هذه الأبواب بحصول التفطُّر والتشقُّق بالكلِّية .

فإن قيل : قوله تعالى : { وَفُتِحَتِ السمآء فَكَانَتْ أَبْوَاباً } يفيد أنَّ السَّماء بكليتها تصير أبواباً بفعل ذلك .

فالجواب من وجوه :

أحدها : أنَّ تلك الأبواب لمَّا كثرت جدًّا صارت كأنَّها ليست إلا أبواباً ؛ كقوله تعالى : { وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً } [ القمر : 12 ] أي : صارت كلها عيوناً تتفجَّر .

وثانيها : قال الواحديُّ : هذا من باب حذف المضاف ، أي : فكانت ذات أبواب .

وثالثها : أنَّ الضمير في قوله تعالى : { فَكَانَتْ أَبْوَاباً } يعود إلى السماء ، والتقدير : فكانت تلك المواضع المفتوحة أبواباً لنزول الملائكة .


[59129]:ينظر: السبعة 668، والحجة 6/368، وإعراب القراءات 2/431، وحجة القراءات 745.
[59130]:ينظر: الفخر الرازي 31/11.