مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ أَبۡوَٰبٗا} (19)

وثالثها قوله تعالى : { وفتحت السماء فكانت أبوابا } . قرأ عاصم وحمزة والكسائي فتحت خفيفة والباقون بالتثقيل والمعنى كثرت أبوابها المفتحة لنزول الملائكة قال القاضي : وهذا الفتح هو معنى قوله : { إذا السماء انشقت } { وإذا السماء انفطرت } إذ الفتح والتشقق والتفطر ، تتقارب ، وأقول : هذا ليس بقوي لأن المفهوم من فتح الباب غير المفهوم من التشقق والتفطر ، فربما كانت السماء أبوابا ، ثم تفتح تلك الأبواب مع أنه لا يحصل في جرم السماء تشقق ولا تفطر ، بل الدلائل السمعية دلت على أن عند حصول فتح هذه الأبواب يحصل التشقق والتفطر والفناء بالكلية ، فإن قيل قوله : { وفتحت السماء فكانت أبوابا } يفيد أن السماء بكليتها تصير أبوابا ، فكيف يعقل ذلك ؟ قلنا فيه وجوه : ( أحدها ) : أن تلك الأبواب لما كثرت جدا صارت كأنها ليست إلا أبوابا مفتحة كقوله : { وفجرنا الأرض عيونا } أي كأن كلها صارت عيونا تتفجر ( وثانيها ) : قال الواحدي هذا من باب تقدير حذف المضاف ، والتقدير فكانت ذات أبواب ( وثالثها ) : أن الضمير في قوله : { فكانت أبوابا } عائد إلى مضمر والتقدير فكانت تلك المواضع المفتوحة أبوابا لنزول الملائكة ، كما قال تعالى : { وجاء ربك والملك صفا صفا } .