المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا} (17)

17 - والله أنشأكم من الأرض فنبتم نباتاً عجيباً ، ثم يعيدكم في الأرض بعد الموت ، ويخرجكم منها إخراجاً محققاً لا محالة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا} (17)

وقوله : وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا يقول : وجعل القمر في السموات السبع نورا وَجَعَلَ الشّمْسَ فيهن سراجا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : ثني أبي ، عن قتادة ألَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللّهُ سَبْعَ سَموَاتٍ طِباقا وَجَعَلَ القَمَمرَ فِيهِنّ نُورا وَجَعَل الشّمْسَ سِرَاجا ذُكر لنا أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يقول : إن ضوء الشمس والقمر نورهما في السماء ، اقرءوا إن شئتم : أَلمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِباقا . . . إلى آخر الاَية .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن عبد الله بن عمرو أنه قال : إن الشمس والقمر وجوههما قِبَل السموات ، وأقفيتهما قِبَل الأرض ، وأنا أقرأ بذلك آية من كتاب الله : وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا وَجَعَلَ الشّمْسَ سِرَاجا .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا يقول : خلق القمر يوم خلق سبع سموات .

وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول : إنما قيل وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا على المجاز ، كما يقال : أتيت بني تميم ، وإنما أتى بعضهم واللّهُ أنْبَتَكُم مِنَ الأرْض نَباتا يقول : والله أنشأكم من تراب الأرض ، فخلقكم منه إنشاء ثُمّ يُعِيدُكُمْ فِيها يقول : ثم يعيدكم في الأرض كما كنتم ترابا فيصيركم كما كنتم من قبل أن يخلقكم ويُخْرِجُكُمْ إخْرَاجا يقول ويخرجكم منها إذا شاء أحياء كما كنتم بشرا من قبل أن يعيدكم فيها ، فيصيركم ترابا إخراجا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا} (17)

وقوله تعالى : { أنبتكم من الأرض نباتاً } استعارة من حيث أخذ آدم عليه السلام من الأرض ثم صار الجميع { نباتاً } منه ، وقوله تعالى : { نباتاً } مصدر جار على غير المصدر ، التقدير فنبتم { نباتاً } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا} (17)

أنشأ الاستدلال بخلق السماوات حضورَ الأرض في الخيال فأعقَبَ نوح به دليلَهُ السابقَ ، استدلالاً بأعجب ما يرونه من أحوال ما على الأرض وهو حال الموت والإِقبار ، ومهَّد لذلك ما يتقدمه من إنشاء الناس .

وأدمج في ذلك تعليمهم بأن الإِنسان مخلوق من عناصر الأرض مثل النبات وإعلامهم بأن بعد الموت حياة أخرى .

وأُطلق على معنى : أنشأكم ، فعلُ { أنبتكم } للمشابهة بين إنشاء الإِنسان وإنبات النبات من حيث إن كليهما تكوين كما قال تعالى : { وأنبتها نباتاً حسناً } [ آل عمران : 37 ] ، أي أنشأها وكما يقولون : زَرعك الله للخير ، ويزيد وجه الشبه هنا قرباً من حيث إن إنشاء الإِنسان مركب من عناصر الأرض ، وقيل التقدير : أنبتَ أصلكم ، أي آدم عليه السلام ، قال تعالى : { كمثل آدم خلقه من تراب } [ آل عمران : 59 ] .

و { نباتاً } : اسم من أنبت ، عومل معاملة المصدر فوقع مفعولاً مطلقاً ل { أنبتكم } للتوكيد ، ولم يجر على قياس فعله فيقال : إنباتاً ، لأن نباتاً أخف فلما تسَنى الإِتيان به لأنه مستعمل فصيح لم يُعدل عنه إلى الثقيل كمالاً في الفصاحة ، بخلاف قوله بعده { إخراجاً } فإنه لم يعدل عنه إلى : خروجاً ، لعدم ملاءمته لألفاظ الفواصل قبلَه المبنية على ألف مثل ألف التأسيس فكما تعدّ مخالفتها في القافية عيباً كذلك تُعدّ المحافظة عليها في الأسجاع والفواصل كمالاً .