الآية 17 : وقوله تعالى : { والله أنبتكم من الأرض نباتا } فجائز أن يكون أضاف الإنبات إلى الأرض ، ويرد ذلك إلى الأصل الذي خلق من التراب لحدوثه منه لا[ أن ]{[22204]} يكون خلق الجملة من التراب ، وهو كقوله عز وجل : { وفي السماء رزقكم }[ الذاريات : 22 ] والذي لنا في السماء هو المطر لا الذي يرزق به ، ولكن الذي يرزق به أصل المطر ، لأنه هو الذي يتوصل به إلى الأرزاق .
فكذلك الخلق لما كانوا من نسل آدم عليه السلام وكان هو أصلا لهم ، أضيف النسل إلى الذي حدث منه الأصل .
ويحتمل أن يكون يرجع هذا إلى كل في نفسه ، وذلك لأن حياة الأبدان وقوامها بالذي يخرج من الأرض ، وينبت منها من أنواع الأغذية ؛ فإذا كان قوامها بما ينبت منها فكأنما أنبتنا منها ، فاستقام أن يضاف الإنبات إليها كما يستقيم أن يضاف خروج الثمار إلى الأرضين ، وإن كان حدوثها من الأشجار ؛ إذ قوام الأشجار وبقاؤها بها ، فنسب ما يخرج منها إلى الأرض على التقدير الذي ذكرنا .
ففي قوله : { والله أنبتكم من الأرض نباتا } على التأويل الأول إثبات القدرة على البعث وإلزام الحجة على من يجحد كونه أن يذكرهم قدرته أنه أنشأهم من الأرض ، ولم يكونوا شيئا .
فمن قدر على إنشائهم من الأرض بعد أن كانوا ترابا قادر على أن يعيدهم إلى الحالة التي كانوا عليها من كونهم بشرا سويا ، وإن صاروا عظاما رفاتا ، لأنهم كانوا يزعمون أن{[22205]}كيف يعادون{[22206]} خلقا جديدا بعد أن صاروا ترابا ؟ .
فاحتج عليهم بأمر الابتداء من الوجه الذي ذكرنا .
وإن كان على التأويل الثاني ففيه تذكير بنعمه أن قد أخرج لهم من الأرض ما يتعيشون به ، ويقيمون به أودهم ، ليستأدي{[22207]}منهم الشكر . وفيه تذكير بقوته وسلطانه ليخوّفهم عقابه ، فيتقوا سخطه ، ويطلبوا مرضاته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.