فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا} (17)

{ والله أنبتكم من الأرض نباتا ( 17 ) ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ( 18 ) } .

حجة لله تعالى على عباده ، وبرهان على حكمته سبحانه واقتداره .

والله- دون سواه- أنبت وأنشأ أبا البشر آدم عليه السلام وبدأ خلقه من التراب والماء ، ومن الطين الصلصال الحمأ المسنون ، ثم سواه ونفخ فيه من روحه .

و{ نباتا } اسم مصدر من : أنبت .

وكأن المعنى : ببديع صنع المولى- تبارك اسمه- كان أول طور لأبيكم قدر يسير من عناصر الكوكب الذي تسكنونه ثم أجرى الله تعالى فيه الحياة ، قريبا مما ترون من تطور الزرع والنبات .

ونعيش على ظهر الأرض ما شاء الله لنا ، فإذا حانت آجالنا . وقبضت أرواحنا ، استودعنا باطن الأرض حتى يأتي ميعادنا .

فإذا جاء يوم الفصل تشققت الأرض ، وجمع الله- القوي العزيز- الشعور المتفرقة ، واللحوم المتمزقة والعظام النخرة البالية لمن في القبور ، وأحياهم الذي أنشأهم أول مرة : { . . كما بدأكم تعودون }{[7822]} .

وهكذا فمن الأرض بدأنا ، وإلى حفرها وبطنها وقبورها مرقدنا ، ومن أجداثها مخرجنا { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى }{[7823]} .


[7822]:- سورة الأعراف. من الآية 29.
[7823]:- سورة طه. الآية 55.