اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا} (17)

قوله : { والله أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً } . يعني آدمَ - عليه الصلاة والسلام - خلقه من أديم الأرض كلِّها ، قاله ابن جريج . وقد تقدم بيانه .

و«نَبَاتاً » . إما مصدر ل «أنبت » على حذف الزوائد ، ويسمى اسم مصدر ، لأن مصدر «أنْبَتَ » «إنباتاً » فجعل الاسم الذي هو النباتُ في موضع المصدر وإمَّا ب «نَبَتُّمْ » مقدراً ، أي : «فَنَبَتُّمْ نَبَاتاً » ، فيكون منصوباً بالمضارع المقدر .

قال الزمشخريُّ : أو نصب ب «أَنْبَتَكُمْ » لتضمنه معنى : «نَبَتُّمْ » .

قال أبو حيَّان{[58014]} : ولا أعقل معنى هذا الوجه بالثاني .

قال شهابُ الدين{[58015]} : هذا الوجه المتقدم ، وهو أنه منصوب ب «أَنْبَتَكُمْ » على حذف الزوائد ومعنى قوله : لتضمنه معنى «نَبَتُّمْ » ، أي : مشتمل عليه ، غاية ما فيه أنه حذفت زوائدهُ .

قال القرطبيُّ{[58016]} : «وقال الخليلُ والزجاجُ : إنه محمول على المعنى ، لأن معنى " أنْبتَكُم " جعلكم تنبتون نباتاً .

وقيل : معناه أنبت لكم من الأرض النبات ، ف " نَبَاتاً " على هذا نصب على المفعول الصريح ، والأول أظهر » .

قال ابن بحر : أنبتكم في الأرض بالكبر بعد الصغر ، وبالطول بعد القصر ، ثم يعيدكم فيها ، أي عند موتكم بالدفن { وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً } بالنشور والبعث يوم القيامة .

والإنبات : استعارة بليغة ، قيل : المراد أنبت أباكم .

وقيل : المراد أنبت الكلَّ لأنهم من النطف ، وهي من الأغذية التي أصلها الأرض ، وهذا كالتفسير لقوله : { خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } ، ثم قال : { ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً } ، وهذا إشارة إلى الطريقة المعهودة في القرآن ، من أنه تعالى لما كان قادراً على الابتداء ، فهو قادر على الإعادة ،


[58014]:ينظر: البحر المحيط 8/340.
[58015]:ينظر: الدر المصون 6/384.
[58016]:ينظر: الجامع لأحكام القرآن 18/197.