المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (132)

132- ولله - سبحانه وتعالى - تدبير كل ما في السماوات والأرض ، فهو المسيطر والمُسَيِّر والمدبر وكفى أن يكون هو المتولي أمر الكون لينتظم ، وأمر الناس ليعبدوه ، ويفوضوا أمورهم إليه ويتقوه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (132)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَللّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً } . .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : ولله ملك جميع ما حوته السموات والأرض ، وهم القيم بجميعه ، والحافظ لذلك كله ، لا يعزب عنه علم شيء منه ، ولا يئوده حفظه وتدبيره . كما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا هشام ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن قتادة : { وكَفَى باللّهِ وَكيلاً } قال : حفيظا .

فإن قال قائل : وما وجه تكرار قوله : { ولِلّهِ ما فِي السّمَوَاتِ وما فِي الأرْضِ } في آيتين إحداهما في إثر الأخرى ؟ قيل : كرّر ذلك لاختلاف معنى الخبرين عما في السموات والأرض في الاَيتين ، وذلك أن الخبر عنه في إحدى الاَيتين ذكر حاجته إلى بارئه وغنى بارئه عنه ، وفي الأخرى حفظ بارئه إياه به وعلمه به وتدبيره . فإن قال : أفلا قيل : وكان الله غنيا حميدا وكفى بالله وكيلاً ؟ قيل : إن الذي في الاَية التي قال فيها : { وكانَ اللّهُ غَنِيّا حَمِيدا } مما صلح أن يختم ما ختم به من وصف الله بالغني وأنه محمود ولم يذكر فيها ما يصلح أن يختم بوصفه معه بالحفظ والتدبير ، فلذلك كرّر قوله : { ولِلّهِ ما فِي السّمَوَاتِ وَما فِي الأرْضِ } .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (132)

{ ولله ما في السماوات وما في الأرض } ذكره ثالثا للدلالة على كونه غنيا حميدا ، فإن جميع المخلوقات تدل بحاجتها على غناه وبما أفاض عليها من الوجود وأنواع الخصائص والكمالات على كونه حميدا . { وكفى بالله وكيلا } راجع إلى قوله { يغن الله كلا من سعته } ، فإنه توكل بكفايتهما وما بينهما تقرير لذلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا} (132)

أمّا جملة { ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفَى بالله وكيلاً } فهي عطف على جملة { ولقد وصيّنا } ، أتى بها تميهداً لقوله : { إن يشأ يذهبكم } فهي مراد بها معناها الكنائي الذي هو التمكّن من التصرّف بالإيجاد والإعدام ، ولذلك لا يحسن الوقف على قوله : { وكيلاً } . فقد تكرّرت جملة { ولله ما في السماوات وما في الأرض } هنا ثلاث مرّات متتاليات متّحدة لفظاً ومعنى أصلياً ، ومختلفة الأغراض الكنائية المقصودة منها ، وسبقتها جملة نظيرتهنّ : وهي ما تقدّم من قوله : { ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكلّ شيء محيطاً } [ النساء : 126 ] . فحصل تكرارها أربع مرات في كلام متناسق . فأمّا الأولى السابقة فهي واقعة موقع التعليل لجملة { إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } [ النساء : 116 ] ، ولقوله : { ومن يشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً } [ النساء : 116 ] ، والتذييلِ لهما ، والاحتراس لجملة { واتّخذ الله إبراهيم خليلاً } [ النساء : 125 ] ، كما ذكرناه آنفاً . وأما الثانية التي بعدها فواقعة موقع التعليل لجملة { يغني الله كلاَّ من سعته } . وأما الثالثة التي تليها فهي علّة للجواب المحذوف ، وهو جواب قوله : { وإن تكفروا } ؛ فالتقدير : وإن تكفروا فإنّ الله غنيّ عن تقواكم وإيمانكم فإنّ له ما في السماوات وما في الأرض وكان ولا يزال غنيّاً حميداً . وأمّا الرابعة التي تليها فعاطفة على مقدّر معطوف على جواب الشرط تقديره : وإن تكفروا بالله وبرسوله فإنّ الله وكيل عليكم ووكيل عن رسوله وكفى بالله وكيلاً .