المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيُعَلِّمُهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (48)

48- والله يُعلِّم هذا الوليد الكتابة ، والعلم الصحيح النافع ، والتوراة ( كتاب موسى ) والإنجيل الذي أوحاه الله إليه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيُعَلِّمُهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (48)

ثم واصل القرآن حديثه عن صفات عيسى - عليه السلام - وعن معجزاته فقال - تعالى : { وَيُعَلِّمُهُ الكتاب . . . } .

فأنت ترى فى هذه الآيات الكريمة بيانا حكيما عن طبيعة رسالة عيسى - عليه السلام - وعن معجزاته التى أكرمه الله - تعالى - بها .

وقوله- تعالى- : { وَيُعَلِّمُهُ الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل } معطوف على ( يُبَشِّرُكِ ) أى : يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه . . . وإن الله يعلم ذلك المولود - المعبر عنه بالكلمة - الكتاب ، وقرأ بعضهم ونعلمه الكتاب . . وعلى هذه القراءة تكون هذه الجملة معمولة لقوله محذوف من كلام الملائكة أى ويقول الله - تعالى - ونعلمه . . وتكون فى المعنى معطوفة على الحال وهى قوله " وجيها " فكأنه قال : وجيها ومعلماً .

وعلى كلتا القراءتين يجوز أن تكون الجملة المستأنفة سيقت تطييبا لقلب مريم ، وإراحة لما أهمها من خوف الملامة حين علمت أنها تلد من غير أن يمسها بشر .

ولقد حكى القرآن عنها فى سورة مريم قولها بتحسر وألم عندما جاءها المخاض { ياليتني مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } والمراد بالكتاب الكتابة والخط ، فإن عيسى - عليه السلام - قد بعثه الله - تعالى - فى أمة ارتقت فيها ألوان العلم والمعرفة فأكرمه الله بأن جعله يفوق غيره فى هذه النواحى . وقيل المراد بالكتاب جنس الكتب الإلهية .

قال الفخر الرازى : " والأقرب عندى أن يقال : المراد من الكتاب تعليم الخط والكتابة . ثم المراد بالحكمة تعليم العلوم وتهذيب الأخلاق ، لأن كمال الإنسان فى أن يعرف الحق لذاته والخير لأجل العمل به ، ومجموعهما هو المسمى بالحكمة ، ثم بعد أن صار عالما بالخط والكتابة ومحيطاً بالعلوم العقلية والشرعية يعمله التوراة . وإنما أخر تعليم التوراة عن تعليم الخط والحكمة ، لأن التوراة كتاب إلهى فيه أسرار عظيمة والإنسان ما لم يتعلم العلوم الكثيرة لا يمكنه أن يخوض فى البحث عن أسرار الكتب الإلهية . ثم قال فى المرتبة الرابعة والإنجيل . وإنما أخر ذكر الإنجيل عن التوراة لأن من تعلم الخط ، ثم تعلم علوم الحق ، ثم أحاط بأسرار الكتاب الذى نزل على من قبله من الأبنياء فقد عظمت درجته في العلم فإذا أنزل الله عليه بعد ذلك كتابا آخر وأوقفه على أسراره فذلك هو العناية القصوى والمرتبة العليا في العلم والفهم والإحاطة بالأسرار العقلية والشرعية ، والاطلاع على الحكم العلوية والسفلية " .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيُعَلِّمُهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (48)

جملة { ويعلّمه } معطوفة على جملة { ويكلّم الناس في المهد } [ آل عمران : 46 ] بعد انتهاء الاعتراض .

وقرأ نافع ، وعاصم : ويُعلّمه بالتحتِية أي يعلّمه اللَّهُ . وقرأه الباقون بنُون العظمة ، على الالتفات .

والكتاب مراد به الكتاب المعهود . وعطفُ التوراة تمهيد لعطف الإنجيل ويجوز أن يكون الكتاب بمعنى الكتابة وتقدم الكلام على التوراة والإنجيل في أول السورة .