أما قوله تعالى : { ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل } ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : قرأ نافع ، وعاصم { ويعلمه } بالياء والباقون بالنون ، أما الياء فعطف على قوله { يخلق ما يشاء } وقال المبرد عطف على يبشرك بكلمة ، وكذا وكذا { ويعلمه الكتاب } ومن قرأ بالنون قال تقدير الآية أنها : قالت رب أنى يكون لي ولد فقال لها الله { كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون } فهذا وإن كان إخبارا على وجه المغايبة ، فقال { ونعلمه } لأن معنى قوله { قال كذلك الله يخلق ما يشاء } معناه : كذلك نحن نخلق ما نشاء ونعلمه الكتاب والحكمة والله أعلم .
المسألة الثانية : في هذه الآية أمور أربعة معطوف بعضها على بعض بواو العطف ، والأقرب عندي أن يقال : المراد من الكتاب تعليم الخط والكتابة ، ثم المراد بالحكمة تعليم العلوم وتهذيب الأخلاق لأن كمال الإنسان في أن يعرف الحق لذاته والخير لأجل العمل به ومجموعهما هو المسمى بالحكمة ، ثم بعد أن صار عالما بالخط والكتابة ، ومحيطا بالعلوم العقلية والشرعية ، يعلمه التوراة ، وإنما أخر تعليم التوراة عن تعليم الخط والحكمة ، لأن التوراة كتاب إلهي ، وفيه أسرار عظيمة ، والإنسان ما لم يتعلم العلوم الكثيرة لا يمكنه أن يخوض في البحث على أسرار الكتب الإلهية ، ثم قال في المرتبة الرابعة والإنجيل ، وإنما أخر ذكر الإنجيل عن ذكر التوراة لأن من تعلم الخط ، ثم تعلم علوم الحق ، ثم أحاط بأسرار الكتاب الذي أنزله الله تعالى على من قبله من الأنبياء فقد عظمت درجته في العلم فإذا أنزل الله تعالى عليه بعد ذلك كتابا آخر وأوقفه على أسراره فذلك هو الغاية القصوى ، والمرتبة العليا في العلم ، والفهم والإحاطة بالأسرار العقلية والشرعية ، والاطلاع على الحكم العلوية والسفلية ، فهذا ما عندي في ترتيب هذه الألفاظ الأربعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.