المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

6 حقاً إن الإنسان ليجاوز الحدود يستكبر على ربه ، من أجل أن رأى نفسه ذا غنى وثراء .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك الأسباب التى تحمل الإِنسان على الطغيان فقال : { كَلاَّ إِنَّ الإنسان ليطغى . أَن رَّآهُ استغنى } .

و " كلا " حرف ردع وزجر لمن تكبر وتمرد . . فهو زجر عما تضمنه ما بعدها ، لأن ما قبلها ليس فيه ما يوجب الزجر والردع ، ويصح أن تكون " كلا " هنا بمعنى حقا . وقوله : { يطغى } من الطغيان ، وهو تجاوز الحق فى التكبر والتمرد . والضمير فى قوله { رآه } يعود على الإِنسان الطاغى ، والجملة متعلقة بقوله { يطغى } بحذف لام التعليل ، والرؤية بمعنى العلم .

والمعنى : حقا إن الإِنسان ليتعاظم ويتكبر ويتمرد على الحق ، لأنه رأى نفسه ذا غنى فى المال والجاه والعشيرة ، ورآها - لغروره وبطره - ليست فى حاجة إلى غيره .

والمراد بالإِنسان هنا جنسه ؛ لأن من طبع الإِنسان أن يطغى ، إذا ما كثرت النعم بين يديه ، إلا من عصمه الله - تعالى - من هذا الخُلُقِ الذميم ، بأن شكره - سبحانه - على نعمه ، واستعملها فى طاعته .

وقيل : المراد بالإِنسان هنا أبو جهل ، وأن هذه الآيات وما بعدها حتى آخر السورة قد نزلت فى أبي جهل ، فقد أخرج البخارى عن ابن عباس قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلى عند الكعبة ، لأطأن على عنقه ، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال : " لئن فعل لأخذته الملائكة " . ونزول هذه الآيات فى شأن أبي جهل لا يمنع عموم حكمها ، ويدخل فى هذا الحكم دخولا أوليا أبو جهل ، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

{ كلا } ردع لمن كفر بنعمة الله بطغيانه ، وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه { إن الإنسان ليطغى } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ} (6)

وقوله تعالى : { كلا إن الإنسان ليطغى } الآية نزلت بعد مدة من شأن أبي جهل بن هشام ، وذلك أنه طغى لغناه ولكثرة من يغشى ناديه من الناس ، فناصب رسول الله صلى الله عليه وسلم العداوة ونهاه عن الصلاة في المسجد ، ويروى أنه قال : لئن رأيت محمداً يسجد عند الكعبة لأطأن على عنقه ، فيروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد عليه القول وانتهره وتوعده ، فقال أبو جهل : أيتوعدني ، وما بالوادي أعظم ندياً مني{[11904]} ، ويروى أيضاً أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فهمَّ بأن يصل إليه ويمنعه من الصلاة ، ثم كع عنه وانصرف ، فقيل له : ما هذا ؟ فقال : لقد اعترض بيني وبينه خندق من نار ، وهول وأجنحة{[11905]} ، ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لو دنا مني لأخذته الملائكة عياناً{[11906]} » فهذه السورة من قوله : { كلا } إلى آخرها نزلت في أبي جهل ، و { كلا } : هي رد على أقوال أبي جهل وأفعاله ، ويتجه أن تكون بمعنى : حقاً ، فهي تثبيت لما بعدها من القول ، والطغيان : تجاوز الحدود الجميلة .


[11904]:أخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، والترمذي وصححه، وابن المنذر، وابن جرير، والطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم والبيهقي، عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاء أبو جهل فقال: ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فزبره، فقال أبو جهل: إنك لتعلم ما بها رجل أكثر ناديا مني، فأنزل الله (فليدع ناديه سندع الزبانية)، قال ابن عباس: والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله.
[11905]:أخرجه أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، وأبو نعيم والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[11906]:أخرجه عبد الرزاق، وعبد بن حميد، والبخاري، وابن جرير، وابن مردويه، وابن المنذر، وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل، عن ابن عباس رضي الله عنهما.