وقوله - سبحانه - : { فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي النار خَالِدِينَ فِيهَا . . } من تمام المثل الذى ضربه الله - تعالى - للمنافقين واليهود . .
أى : فكان عاقبة ذلك الشيطان وذلك الإنسان ، أنهما فى النار ، حالة كونهما خالدين فيها خلودا أبديا ، وكذلك حال المنافقين واليهود . .
{ وَذَلِكَ } الخلود فى النار { جَزَآءُ الظالمين } الذين تجاوزوا حدود الله - تعالى - وحاربوا أولياءه - سبحانه - .
والمراد بالشيطان والإنسان جنسهما ، وقد ذكر بعضهم هنا قصصا تدل على أن المراد بالإنسان شخص معين ، وقد أضربنا عنها صفحا لضعفها . .
وبذلك ترى أن هذه الآيات الكريمة قد ذمت المنافقين واليهود ذما شنيعا ، وأضعفت من شأنهم ، وساقت لهم من الأمثلة ما يجعل المؤمنين يستخفون بهم ، ويجاهدونهم بغلظة وشدة .
وقوله : { فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا } أي : فكانت عاقبة الآمر بالكفر والفاعل له ، وتصيرهما{[28609]} إلى نار جهنم خالدين فيها ، { وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ } أي : جزاء كل ظالم .
قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عون بن أبي جُحَيْفة ، عن المنذر ابن جرير ، عن أبيه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار ، قال : فجاءه قوم حُفَاة عُراة مُجْتَابي النمار - أو : العَبَاء - مُتَقَلِّدي السيوف عامتهم من مُضَر ، بل كلهم من مضر ، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة ، قال : فدخل ثم خرج ، فأمر بلالا فأذن وأقام الصلاة ، فصلى ثم خطب ، فقال :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } إلى آخر الآية :{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }[ النساء : 1 ] . وقرأ الآية التي في الحشر :{ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } .
تَصَدَّق رجل من ديناره ، من درهمه ، من ثوبه ، من صاع بُرِّه ، من صاع تمره - حتى قال - : ولو بشق تمرة " . قال : فجاء رجل من الأنصار بصُرة كادت كفه تَعجز عنها ، بل قد عجزت ، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب ، حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه كأنه مُذْهبة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن سَنَّ في الإسلام سنة حسنة ، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده ، من غير أن يَنقُص من أجورهم شيء ، ومن سَنَّ في الإسلام سنة سيئة ، كان عليه وِزْرُها ووزر من عمل بها ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " .
انفرد بإخراجه مسلم من حديث شعبه ، بإسناد مثله{[28610]} .
وقول : { فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها } من تمام المثل . أي كان عاقبة الممثل بهما خسرانهما معاً . وكذلك تكون عاقبة الفريقين الممثلين أنهما خائبان فيما دبّرا وكادا للمسلمين .
وجملة { وذلك جزاء الظالمين } تذييل ، والإِشارة إلى ما يدل عليه { فكان عاقبتهما أنهما في النار } من معنى ، فكانت عاقبتهما سوأى والعاقبة السّوأى جزاء جميع الظّالمين المعتدين على الله والمسلمين ، فكما كانت عاقبة الكافر وشيطانه عاقبة سوء كذلك تكون عاقبة الممثلين بهما وقد اشتركا في ظلم أهل الخير والهدى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.