قوله : { كمثل الشيطان }{[68031]} إلى آخر السورة الآيات [ 16 – 24 ] .
قد ذكرنا الكاف في { كمثل الذين من قبلهم } والمعنى : مثل{[68032]} هؤلاء المنافقين في وعدهم اليهود بالنصر ، وإخلافهم إياهم وتبريهم منهم لما أجلوا من ديارهم ، كمثل الشيطان الذي غر الإنسان ووعده على كفره النصر ثم تبرأ منه لما كفر وأسلمه .
روي عن علي{[68033]} رضي الله عنه أنه قال : " إن راهبا تعبد ستين{[68034]} سنة وأن الشيطان أراده وأعياه ، فعمد إلى امرأة فأجنها ولها إخوة ، فقال لإخوتها عليكم بها القس فيداويها ، قال فجاءوا به إليها فداواها{[68035]} ، وكانت عنده ، فبينما هو يوما عندها إذ أعجبته فأتاها فحملت ، فعمد إليها فقتلها ، فجاء إخوتها ، فقال الشيطان للراهب أنا صاحبك ، إنك أعييتني ، أنا صنعت هذا بك ، فأطعني أنجك مما صنعت بك ، أسجد لي سجدة{[68036]} ، فسجد [ له ]{[68037]} ، فلما سجد له/ قال : { إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين }{[68038]} .
/وعن ابن مسعود أنه قال : كانت امرأة ترعى غنما ، وكان لها أربعة إخوة ، وكانت{[68039]} تأوي بالليل إلى صومعة{[68040]} راهب ، فنزل الراهب ففجر بها ، فحملت ، فأتاه الشيطان فقال : اقتلها ثم ادفنها ، فإنك رجل مصدق يقبل{[68041]} قولك ، فقتلها ثم دفنها .
قال : فأتى{[68042]} الشيطان إخوتها في المنام ، فقال لهم : إن الراهب صاحب الصومعة{[68043]} فجر بأختكم ، فلما أحبلها{[68044]} قتلها ثم دفنها في مكان كذا وكذا ، فلما أصبحوا قال رجل منهم : والله لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصها عليكم أم أترك ، فقالوا : لا بل قصها علينا ، فقصها ، فقال الآخر : وأنا والله لقد{[68045]} رأيت ذلك ، وقال الآخر مثل ذلك ، فقالوا : والله ما هذا{[68046]} إلا لشيء . فانطلقوا فاستعدوا{[68047]} ملكهم على ذلك الراهب ، فأتوه فأنزلوه ثم انطلقوا به ، فلقيه الشيطان ، فقال : إني أنا الذي أوقتعك{[68048]} في هذا ولن ينجيك منه غيري ، فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه ، قال : فسجد له . فلما{[68049]} أتوا ملكهم{[68050]} تبرأ منه وأخذ فقتل{[68051]} .
وقول الشيطان : { إني أخاف الله ( رب العالمين ){[68052]} } إنما هو على طريق التبرؤ من الإنسان ، لأنه لا يخاف الله على الحقيقة ، لأنه لو خافه ما عصاه ، ولو خافه لكان ذلك مدحا{[68053]} له .
وعن ابن عباس : أن راهبا من بني إسرائيل تعبد فأحسن عبادته ، وكان يؤتي من كل أرض فيسأل عن الفقه ، وكان عالما ، وأن ثلاثة أخوة كانت{[68054]} لهم أخت حسنة من أحسن النساء ، وأنهم أرادوا سفرا ، فكبر عليهم أن يخلفوها ضائعة ، فجعلوا يأتمرون ما يفعلون بها ، فقال أحدهم أنا أدلكم على من تتركونها عنده ، قالوا من هو ، قال راهب بني إسرائيل إن ماتت قال عليها وإن عاشت حفظها حتى{[68055]} ترجعوا إليها ، فعمدوا إليه ، فقالوا : إنا نريد السفر ، ولا نجد أحدا أوثق منك في أنفسنا ، ولا أحفظ لها ولي منك ولما جعل عندك فإن رأيت أن نجعل أختنا عندك ، فإنها ضائعة شديدة الوجع ، فإن ماتت فقم عليها ، وإن عاشت فأصلح{[68056]} إليها حتى نرجع .
فقال{[68057]} : أكفيكم إن شاء الله ، فانطلقوا وقام عليها فداواها{[68058]} حتى برئت وعاد إليها حسنها ، فأطلع إليها فوجدها متصنعة ، فلم يزل به الشيطان يزين له أن يقع عليها حتى وقع عليها ، فحملت ثم قدمه{[68059]} الشيطان ، فزين{[68060]} له قتلها وقال{[68061]} : إن لم تقتلها افتضحت{[68062]} وعرف{[68063]} شبيهك في الولد ، فلم تكن لك معذرة فلم يزل به حتى قتلها . فلما قدم إخوتها قالوا له : ما فعلت فلانة قال ماتت فدفنتها قالوا أحسنت ، ثم جعلوا يرون في المنام ويخبرون أن الراهب هو قتلها ، وأنها تحت شجرة كذا وكذا ، فعمدوا إلى الشجرة فوجدوها تحتها قد قتلت ، فعمدوا إليه فأخذوه ، فقال له الشيطان : أنا زينت{[68064]} لك الزنا ( وقتلها بعد الزنى ){[68065]} ، فهل لك أن أنجيك ، قال : نعم ( قال : أفتطيعني ؟ قال : نعم{[68066]} ) قال : فاسجد لي سجدة واحدة ، فسجد له ثم قتل{[68067]} .
وقال مجاهد : الإنسان هنا عنى به الإنسان كلهم في غرور الشيطان إياهم وتبريه{[68068]} منهم ، كما غر المنافقون اليهود ووعدوهم بالنصر ، ثم ( تبرءوا{[68069]} ) منهم وأسلموهم{[68070]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.