معاني القرآن للفراء - الفراء  
{فَكَانَ عَٰقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَٰلِدَيۡنِ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ جَزَـٰٓؤُاْ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (17)

وقوله : { فَكَانَ عَاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النارِ خَالِدِينَ } .

وهي في قراءة عبد الله : فكان عاقبتهُما أنهما خالدان في النار ، وفي [ 196/ب ] قراءتنا { خَالِدِينَ فِيها } نصب ، ولا أشتهي الرفع ، وإن كان يجوز ؛ وذلك أن الصفة قد عادت على النار مرتين ، والمعنى للخلود ، فإذا رأيت الفعل بين صفتين قد عادت إحداهما على موضع الأخرى نصبت الفعل ، فهذا من ذلك ، ومثله في الكلام قولك : مررت برجل على بابه متحملا به ، ومثله قول الشاعر :

والزعفرانُ على ترائبُها *** شَرِقاً به اللباتُ والنحْرُ

لأن الترائب هي اللبات ها هنا ، فعادت الصفة باسمها الذي وقعت عليه أولا ، فإذا اختلفت الصفتان : جاز الرفع والنصب على حسن . من ذلك قولك : عبد الله في الدار راغبٌ فيك . ألا ترى أن ( في ) التي في الدار مخالفة ( لفي ) التي تكون في الرغبة ؛ والحجة ما يعرف به النصب من الرفع ، ألا ترى الصفة الآخرة تتقدم قبل الأولى ، إلاّ أنك تقول : هذا أخوك في يده درهم قابضا عليه ، فلو قلت : هذا أخوك قابضاً عليه في يده درهم لم يجز . وأنت تقول : هذا رجل في يده درهم قائمٌ إلى زيد . ألا ترى أنك تقول : هذا رجل قائم إلى زيد في يده درهم ، فهذا يدل على المنصوب إذا امتنع تقديم الآخر ، ويدل على الرفع إذا سهل تقديم الآخر .