الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَكَانَ عَٰقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَٰلِدَيۡنِ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ جَزَـٰٓؤُاْ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (17)

قوله : { فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ } : العامَّةُ على نصب " عاقَبَتَهُما " بجَعْلِه خبراً ، والاسمُ " أنَّ " وما في حَيَّزها ؛ لأنَّ الاسمَ أَعْرَفُ مِنْ " عاقبتَهُما " . وقد تقدَّم تحريرُ هذا في آل عمران والأنعام . وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وابن أرقم برفعِها على جَعْلِها اسماً ، و " أنَّ " وما في حَيِّزها خبراً كقراءةِ { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ } [ الأنعام : 23 ] .

قوله : { خَالِدَينَ } العامَّةُ على نَصْبِه حالاً من الضمير المستكنِّ في الجارِّ لوقوعِه خبراً . وعبد الله وزيد بن علي والأعمش وابن أبي عبلة برفعِه خبراً ، والظرفُ مُلْغَى فيتعلَّق بالخبر ، وعلى هذا فيكون تأكيداً لفظياً للحرفِ وأُعيد معه ضميرُ ما دَلَّ عليه كقولِه : { فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا }[ هود : 108 ] وهذا على مذهب سيبويه فإنه يُجيز إلغاءَ الظرفِ وإنْ أُكِّدَ ، والكوفيون يَمْنَعونَه وهذا حُجَّةٌ عليهم . وقد يُجيبون : بأنَّا لا نُسَلِّمُ أَنَّ الظرفَ في هذه القراءةِ مُلْغَى ، بل نجعلُه خبراً ل " أنَّ " وخالدان خبرٌ ثانٍ ، وهو مُحْتمِلٌ لِما قالوه إلاَّ أنَّ الظاهرَ خلافُه .