الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فَكَانَ عَٰقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَٰلِدَيۡنِ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ جَزَـٰٓؤُاْ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (17)

يقول الله سبحانه : { فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ } يعني الشيطان وذلك الإنسان { أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ } .

قال ابن عباس : فضرب الله هذا المثل ليهود بني النضير والمنافقين من أهل المدينة ، وذلك أن الله سبحانه أمر نبيّه ( عليه السلام ) أن يخلي بني النضير عن المدينة ، فدسّ المنافقون إليهم ، فقالوا : لا تجيبوا محمداً الى مادعاكم ولا تخرجوا من دياركم فإن قاتلكم كنا معكم وإن أخرجكم خرجنا معكم . قال : فأطاعوهم فدربوا على حصونهم وتحصّنوا في ديارهم رجاء نصر المنافقين حتى جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم فناصبوه الحرب يرجون نصر المنافقين فخذلوهم وتبرّؤوا منهم كما تبرّأ الشيطان من برصيصا وخذله .

قال ابن عباس : فكانت الرهبان بعد ذلك في بني إسرائيل لا يمشون إلاّ بالتقية والكتمان وطمع اهل الفجور والفسق في الاحبار فرموهم بالبهتان والقبيح ، حتى كان أمر جريج الراهب ، فلمّا برّأ الله جريجاً الراهب مما رموه به فانبسطت بعدها الرهبان وظهروا للناس .