المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ} (128)

128- فإن ربك مع الذين اتقوا غضب الله باجتناب نواهيه ، وأحسنوا لله أعمالهم بالإقبال على طاعته ، يعينهم وينصرهم في الدنيا ويجزيهم خير الجزاء في الآخرة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ} (128)

وقوله - تعالى - : { إِنَّ الله مَعَ الذين اتقوا والذين هُم مُّحْسِنُونَ } ، تعليل لم سبق من أمره بالصبر ، ومن نهيه عن الحزن وضيق الصدر .

أي : إن الله - تعالى - بمعونته وتأييده مع الذين اتقوه في كل أحوالهم ، وصانوا أنفسهم عن كل ما لا يرضاه . ومع الذين يحسنون القول والعلم ، بأن يؤدوهما بالطريقة التي أمر الإِسلام بها ، ومن كان الله - تعالى - معه ، سعد في دنياه وفي أخراه .

وقد قيل لبعض الصالحين وهو يحتضر : أوص . فقال : إنما الوصية من المال . ولا مال لي ، ولكني أوصيكم بالعمل بخواتيم سورة النحل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ} (128)

وقوله : { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } ، أي : معهم بتأييده ونصره ومعونته وهذه معية خاصة ، كقوله : { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا } [ الأنفال : 12 ] ، وقوله لموسى وهارون : { لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } [ طه : 46 ] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم للصديق وهما في الغار : { لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } [ التوبة : 40 ] ، وأما المعية العامة فبالسمع والبصر والعلم ، كقوله تعالى : { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [ الحديد : 4 ] ، وكقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا } [ المجادلة : 7 ] ، وكما قال تعالى : { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا [ إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ] } [ يونس : 61 ] . {[16768]}

ومعنى : { الَّذِينَ اتَّقَوْا } ، أي : تركوا المحرمات ، { وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } ، أي : فعلوا الطاعات ، فهؤلاء الله يحفظهم ويكلؤهم ، وينصرهم ويؤيدهم ، ويظفرهم على أعدائهم ومخالفيهم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا مِسْعر ، عن ابن عون ، عن محمد بن حاطب قال : كان عثمان ، رضي الله عنه ، من الذين آمنوا ، والذين اتقوا ، والذين هم محسنون .

[ آخر تفسير سورة النحل ولله الحمد أجمعه والمنة ، وبه المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ]{[16769]} .


[16768]:زيادة من ت، ف، أ، وفي هـ: "الآية".
[16769]:ما بين المعقوفين من "هـ".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ} (128)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } ( 128 )

يقول تعالى ذكره ( إِنَّ اللَّهَ ) يا محمد ( مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا ) الله في محارمه فاجتنبوها ، وخافوا عقابه عليها ، فأحجموا عن التقدّم عليها ، ( وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) يقول : وهو مع الذين يحسنون رعاية فرائضه ، والقيام بحقوقه ، ولزوم طاعته فيما أمرهم به ونهاهم عنه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الحسن : ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) ، قال : اتقوا الله فيما حرّم عليهم ، وأحسنوا فيما افترض عليهم .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن رجل ، عن الحسن ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن هَرِم بن حَيان العَبْدِي لما حضره الموت ، قيل له : أوص ، قال : ما أدري ما أُوصي ، ولكن بيعوا درعي ، فاقضوا عني ديني ، فإن لم تف ، فبيعوا فرسي ، فإن لم يف فبيعوا غلامي ، وأوصيكم بخواتيم سورة النحل : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ } . ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية قال : بَلْ نَصْبرُ " .

آخر سورة النحل

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ} (128)

وقوله : { مع الذين } ، أي : بالنصر والمعونة والتأييد ، و { اتقوا } ، يريد المعاصي ، و { محسنون } ، معناه يتزيدون فيما ندب إليه من فعل الخير .

كمل تفسير سورة النحل بعون الله وتأييده .

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم .