{ إِنَّ الله مَعَ الذين اتقوا } المناهي ، { والذين هُم مُّحْسِنُونَ } وهذا يجري مجرى التهديد ؛ لأنه في المرتبة الأولى : رغب في ترك الانتقام على سبيل الرمز ، وفي الثانية : عدل عن الرمز إلى التصريح ، وهو قوله - عز وجل- : { وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } ، وفي المرتبة الثالثة : أمر بالصبر على سبيل الجزم ، وفي هذه المرتبة الرابعة : كأنه ذكر الوعيد على فعل الانتقام ، فقال : { إِنَّ الله مَعَ الذين اتقوا } ، عن استيفاء الزيادة ، { والذين هُم مُّحْسِنُونَ } : في ترك أصل الانتقام ؛ فكأنه قال : إن أردت أن أكون معك ، فكن من المتَّقين ومن المحسنين ، وهذه المعيَّة بالرحمة والفضل والتربية .
وقوله - تعالى- : { الذين اتقوا } ، إشارة إلى التعظيم لأمر الله ، وقوله - جل ذكره - : { والذين هُم مُّحْسِنُونَ } ، إشارة إلى الشفقة على خلق الله ، وذلك يدلُّ على أن كمال سعادة الإنسان في التعظيم لأمر الله ، والشفقة على خلق الله - تعالى - .
قيل لهرم بن حيَّان عند قرب وفاته : أوص ، فقال : إنما الوصيَّة في المال ولا مال لِي ، ولكن أوصيك بخواتيم سورة النحل ، قال بعضهم : إن قوله - جل ذكره- : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } ، منسوخ بآية السيف ، وهذا في غاية البعد ؛ لأن المقصود من هذه الآية تعليم حسن الأدب في كيفيَّة الدَّعوة إلى الله - سبحانه وتعالى- ، وترك التَّعدي وطلب الزيادة ، ولا تعلق بهذه الأشياء بآية السيف والله أعلم بمراده .
روى أبو أمامة ، عن أبيّ بن كعب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَرَأ سُورَةَ النَّحل ، لم يُحاسِبْه الله - تعالى - بالنَّعِيم الذي أنْعَم عليه في دَارِ الدُّنيَا ، وأعْطِيَ مِنَ الأجْرِ كالذي مات فأحْسَن الوصيَّة " {[1]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.