جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ} (128)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } ( 128 )

يقول تعالى ذكره ( إِنَّ اللَّهَ ) يا محمد ( مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا ) الله في محارمه فاجتنبوها ، وخافوا عقابه عليها ، فأحجموا عن التقدّم عليها ، ( وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) يقول : وهو مع الذين يحسنون رعاية فرائضه ، والقيام بحقوقه ، ولزوم طاعته فيما أمرهم به ونهاهم عنه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الحسن : ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) ، قال : اتقوا الله فيما حرّم عليهم ، وأحسنوا فيما افترض عليهم .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن رجل ، عن الحسن ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن هَرِم بن حَيان العَبْدِي لما حضره الموت ، قيل له : أوص ، قال : ما أدري ما أُوصي ، ولكن بيعوا درعي ، فاقضوا عني ديني ، فإن لم تف ، فبيعوا فرسي ، فإن لم يف فبيعوا غلامي ، وأوصيكم بخواتيم سورة النحل : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ } . ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية قال : بَلْ نَصْبرُ " .

آخر سورة النحل