المرتبة الرابعة : قوله تعالى : { إنّ الله } ، أي : الجامع لصفات الكمال بلطفه وعونه ، { مع الذين اتقوا } ، أي : وجد منهم الخوف من الله تعالى واجتنبوا المعاصي ، ن { والذين هم محسنون } في أعمالهم والشفقة على خلقه ، وهذا يجري مجرى التهديد ؛ لأنّ في المرتبة الأولى رغبة في ترك الانتقام على سبيل الرمز ، وفي الثانية عدل عن الرمز إلى التصريح وهو قوله تعالى : { ولئن صبرتم لهو خير للصابرين } . وفي المرتبة الثالثة : أمر بالصبر على سبيل الجزم ، وفي هذه المرتبة الرابعة : كأنه ذكر الوعيد على فعل الانتقام فقال : { إن الله مع الذين اتقوا } ، أي : عن استيفاء الزيادة { والذين هم محسنون } ، أي : في ترك أصل الانتقام فكأنه تعالى قال : إن أردت أن أكون معك فكن من المتقين ومن المحسنين ، وهذه المعية بالرحمة والفضل والتربية ، وفي قوله تعالى : { اتقوا } ، إشارة إلى التعظيم لأمر الله ، وفي قوله : { والذين هم محسنون } ، إشارة إلى الشفقة على خلق الله تعالى ، قيل لهرم بن حبان عند قرب وفاته أوصي فقال : إنّ الوصية في المال ولا مال لي ، ولكن أوصيكم بخواتيم سورة النحل . تنبيه : قال بعضهم : إنّ قوله تعالى : { وإن عاقبتم } إلى { لهو خير للصابرين } منسوخ بآية السيف . قال الرازي : وهذا في غاية البعد ؛ لأنّ المقصود من هذه الآية تعليم حسن الأدب في كيفية الدعوى إلى الله تعالى وترك التعدّي وطلب الزيادة ولا تعلق لهذه الأشياء بآية السيف .
وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه صلى الله عليه وسلم قال : «من قرأ سورة النحل لم يحاسبه الله تعالى بما أنعم عليه في دار الدنيا وإن مات في يوم تلاها أو ليلته كان له من الأجر كالذي مات وأحسن الوصية » . حديث موضوع . قال الرازي : في آخر هذه السورة يقول مصنف الكتاب : الحق عزيز ، والطريق بعيد ، والمركب ضعيف ، والقرب بعد ، والوصل هجر ، والحقائق مصونة ، والمعالي في غيب الغيب مكنونة ، والأسرار فيما وراء أقفال العزة مخزونة ، وبيد الخلق القيل والقال ، والكمال ليس إلا لله تعالى ذي الإكرام والجلال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.