المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{بَلۡ قَالُوٓاْ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّهۡتَدُونَ} (22)

22- بل قال المشركون - حين فقدوا كل حُجة - : إنا وجدنا آباءنا على دين ، وإننا على آثارهم سائرون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَلۡ قَالُوٓاْ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّهۡتَدُونَ} (22)

ثم بين - سبحانه - مستندهم الحقيقى فقال : { بَلْ قالوا إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ } .

أى : أنهم ليس لهم فى الحقيقة مستند لا من العقل ولا من النقل ، وإنما مستندهم الوحيد تقليدهم لآبائهم فى جهالاتهم وسفاهاتهم وكفرهم . فقد قالوا عندما دعاهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الدين الحق : إنا وجدنا آباءنا على أمة ، أى على دين وطريقة تؤم وتقصد ، وهى عبادة هذه الآلهة { وَإِنَّا على آثَارِهِم } وطريقتهم { مُّهْتَدُونَ } أى : سائرون بدون تفكر أو تدبر ، أو حجة أو دليل ، فهم أشبه ما يكونون بقطيع الأنعام الذى يسير خلق قائده دون أن يعرف إلى أى طريق يسير . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلۡ قَالُوٓاْ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّهۡتَدُونَ} (22)

وعند هذا الحد يكشف عن سندهم الوحيد في اعتقاد هذه الأسطورة المتهافتة التي لا تقوم على رؤية ، ومزاولة هذه العبادة الباطلة التي لا تستند إلى كتاب :

( بل قالوا : إنا وجدنا آباءنا على أمة ، وإنا على آثارهم مهتدون ) . .

وهي قولة تدعو إلى السخرية ، فوق أنها متهافتة لا تستند إلى قوة . إنها مجرد المحاكاة ومحض التقليد ، بلا تدبر ولا تفكر ولا حجة ولا دليل . وهي صورة مزرية تشبه صورة القطيع يمضي حيث هو منساق ؛ ولا يسأل : إلى أين نمضي ? ولا يعرف معالم الطريق !

والإسلام رسالة التحرر الفكري والانطلاق الشعوري لا تقر هذا التقليد المزري ، ولا تقر محاكاة الآباء والأجداد اعتزازاً بالإثم والهوى . فلا بد من سند ، ولا بد من حجة ، ولا بد من تدبر وتفكير ، ثم اختيار مبني على الإدراك واليقين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلۡ قَالُوٓاْ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّهۡتَدُونَ} (22)

وقرأ جمهور الناس : «على أُمة » بضم الهمزة ، وهي بمعنى الملة والديانة ، والآية على هذا تعيب عليهم التقليد . وقرأ مجاهد والعبدري وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : «على إمة » بكسر الهمزة وهي بمعنى النعمة ، ومنه قول الأعشى :

ولا الملك النعمان يوم لقيته . . . بإمته يعطي القطوط ويافق{[10193]}

ومنه قول عدي بن زيد : [ الخفيف ]

ثم بعد الفلاح والملك والإمّ . . . ة وارتهم هناك القبور{[10194]}

فالآية على هذا استمرار في احتجاجهم ، لأنهم يقولون : وجدنا آباءنا في نعمة من الله وهم يعبدون الأصنام ، فذلك دليل رضاه عنهم ، وكذلك اهتدينا نحن بذلك { على آثارهم } . وذكر الطبري عن قوم : أن الأمة الطريقة ، مصدر من قولك : أممت كذا أمة .


[10193]:البيت من قصيدته المعروفة التي يمدح بها المحلق بن خنثم، والتي يقول في مطلعها: (أرقت وما هذا السهاد المؤرق)، والملك النعمان هو النعمان الثالث أبو قابوس، والإماة: النعمة، وهي موضع الاستشهاد هنا، والقطوط: الحظوظ والأنصبة، واحدها قط بمعنى نصيب، ويأفق: يعطي بعضا أكثر من بعض.
[10194]:هو عدي بن زيد العبادي، والبيت من قصيدة له تعد من روائع الشعر العربي، وقد بدأها بقوله: أرواح مودع أم بكور لك؟ فاعمد لأي حال تصير وفيها يصور الحياة وكيف انتهت بالملوك إلى الفناء بعد النعمة والعزة، يقول: أين كسرى وبنو الأصفر وصاحب الحصن العظيم المسمى بالحضر؟ ثم يصل إلى بيت الشاهد فيقول: إنهم بعد الفلاح والملك والعيش في غضارة ونعمة قد ذهبوا ووارتهم القبور، والشاهد أن الإمة بكسر الهمزة هي: النعمة وغضارة العيش. هذا والبيت في اللسان.