الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{بَلۡ قَالُوٓاْ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّهۡتَدُونَ} (22)

فيه مسألتان :

الأولى- قوله تعالى : " بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة " أي على طريقة ومذهب . قاله عمر بن عبد العزيز . وكان يقرأ هو ومجاهد وقتادة " على إمة " بكسر الألف . والأمة الطريقة . وقال الجوهري : والإمة ( بالكسر ) . النعمة . والإمة أيضا لغة في الأمة ، وهي الطريقة والدين ، عن أبي عبيدة . قال عدي بن زيد في النعمة :

ثم بعد الفَلاح والمُلك والأ *** مَّة وارتْهُم هناك القبور

عن غير الجوهري . وقال قتادة وعطية : " على أمة " على دين ، ومنه قول قيس بن الخطيم :

كنا على أُمَّةِ أبائنا *** ويقتدي الآخرُ بالأَوَّلِ

قال الجوهري : والأمة الطريقة والدين ، يقال : فلان لا أمة له ، أي لا دين له ولا نحلة . قال الشاعر :

وهل يستوي ذُو أمَّةٍ وكفورُ

وقال مجاهد وقطرب : على دين على ملة . وفي بعض المصاحف " قالوا إنا وجدنا آباءنا على ملة " وهذه الأقوال متقاربة . وحكي عن الفراء على ملة على قبلة . الأخفش : على استقامة ، وأنشد قول النابغة :

حلفتُ فلم أترك لنفسك ريبةً *** وهل يأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ

الثانية- قوله تعالى : " وإنا على آثارهم مهتدون " أي نهتدي بهم .