فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{بَلۡ قَالُوٓاْ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّهۡتَدُونَ} (22)

ثم بيّن سبحانه أنه لا حجة بأيديهم ولا شبهة ولكنهم اتبعوا آباءهم في الضلالة فقال : { بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ( 22 ) }{ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ } أي على طريقة ومذهب ، قال أبو عبيدة هي الطريقة والدين ، وبه قال ابن عباس وقتادة وغيره قال الجوهري والأمة الطريقة والدين يقال فلان لا أمة له ولا نحلة أي لا دين له وقال الفراء وقطرب على قبلة . وقال الأخفش على استقامة قرأ الجمهور أمة بالضم ، وقرئ بكسرها قال الجوهري والإمة بالكسر النعمة والإمة أيضا لغة في الأمة .

{ وَإِنَّا } ماشون { عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ } بهم وكانوا يعبدون غير الله اعترفوا بأنه لا مستند لهم من حيث العيان ولا من حيث العقل ولا من حيث السمع والبيان سوى تقليد آبائهم قال الخازن جعلوا أنفسهم مهتدين بإتباع آبائهم وتقليدهم من غير حجة انتهى ؛ وعبارة أبي السعود لم يأتوا بحجة عقلية ولا نقلية ، بل اعترفوا بأنه لا مستند لهم سوى تقليد آبائهم الجهلة مثلهم اه .

وقال هنا : مهتدون ، وفيما بعده : مقتدون ، لأن الأول وقع في محاجتهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وادعائهم أن آباءهم كانوا مهتدين ، وأنهم مهتدون كآبائهم ، فناسبه مهتدون والثاني وقع حكاية عن قوم ادعوا الاقتداء بالآباء دون الاهتداء ، فناسبه مقتدون ، أفاده الكرخي .