ثم أخذت السورة فى تفصيل أهوال يوم القيامة ، وفى بيان ما تكون عليه الأرض والسماء فى هذا اليوم ، وفى بيان ما أعده - سبحانه - لمن أوتى كتابه بيمينه فى هذا اليوم ، فقال - تعالى - :
{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور . . . } .
الفاء فى قوله - تعالى - : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور . . } للتفريع ، أى : لتفريع ما بعدها على ما قبلها ، وهو الحديث عن أهوال يوم القيامة .
والصور : هو البوق الذى ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله - تعالى - .
قال الآلوسى : قوله : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } شروع فى بيان نفس الحاقة ، وكيفية وقوعها ، إثر بيان عظم شأنها ، بإهلاك مكذبيها .
والمراد بالنفخة الواحدة : النفخة الأولى ، التى عندها يكون خراب العالم . وقيل هى النفخة الثانية . والأول أولى ، لأنه هو المناسب لما بعده .
وجواب الشرط قوله : { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الواقعة } أو قوله : { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تخفى مِنكُمْ خَافِيَةٌ } .
أى : فإذا نفخ إسرافيل فى الصور بأمرنا . وقعت الواقعة التى لا مفر من وقوعها ، لكى يحاسب الناس على أعمالهم .
ووصفت النفخة بأنها واحدة ، للتأكيد على أنها نفخة واحدة وليست أكثر ، وللتبيه على أن هذه النفخة - مع أنها واحدة - تتأثر بها السموات والأرض والجبال ، وهذا دليل على وحدانية الله - تعالى - وقدرته .
( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة . وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة . فيومئذ وقعت الواقعة . وانشقت السماء فهي يومئذ واهية . والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) . .
ونحن نؤمن أن هناك نفخة في الصور وهو البوق تحدث بعدها هذه الأحداث . ولا نزيد في تفصيلها شيئا . لأنها غيب . ليس عندنا من دلائله إلا مثل هذه النصوص المجملة ؛ وليس لنا مصدر آخر لتفصيل هذا الإجمال . والتفصيل لا يزيد في حكمة النص شيئا ، والجري وراءه عبث لا طائل تحته ، إلا اتباع الظن المنهي عنه أصلا .
ثم ذكر تعالى أمر القيامة ، و { الصور } : القرن الذي ينفخ فيه ، قال سليمان بن أرقم : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن { الصور } فقال : «هو قرن من نور فمه أوسع من السماوات {[11283]} » ، والنفخة المشار إليها في هذه الآية ، نفخة القيامة التي للفزع ومعها يكون الصعق ، ثم نفخة البعث ، وقيل : هي نفخات ثلاثة : نفخة الفزع ونفخة الصعق ثم نفخة البعث ، والإشارة بآياتنا هذه إلى نفخة الفزع ، لأن حمل الجبال هو بعدها . وقرأ الجمهور : «نفخةٌ » بالرفع ، لما نعت صح رفعه{[11284]} ، وقرأ أبو السمال : «نفخةً واحدةً » بالنصب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.