السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفۡخَةٞ وَٰحِدَةٞ} (13)

ولما ذكر تعالى القيامة وهول أمرها بالتعبير بالحاقة وغيرها شرع سبحانه وتعالى في تفاصيل أحوالها وبدأ بذكر مقدماتها بقوله تعالى : { فإذا نفخ } وبنى الفعل للمجهول دلالة على هوان ذلك عليه وأن ما يتأثر عنه لا يتوقف على نافخ معين بل من أقامه لذلك من جنده تأثر عنه ما يريده { في الصور } أي : القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام . قال البقاعي : كأنه عبر عنه به دون القرن مثلاً ؛ لأنه يتأثر عنه تارة إعدام الصورة ، وتارة إيجادها وردها إلى أشكالها وسعته كما بين السماء والأرض { نفخة واحدة } للفصل بين الخلائق .

قال الزمخشري : فإن قلت : هما نفختان ، فلم قيل : واحدة ؟ قلت : معناه أنها لا تثنى في وقتها . ثم قال : فإن قلت : فأي النفختين هي ؟ قلت : الأولى لأن عندها فساد العالم ، وهكذا الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد روي عنه أنها الثانية ا . ه .

قال البقاعي : وظاهر السياق أنها الثانية التي بها البعث وخراب ما ذكر بعد قيامهم أنسب لأنه أهيب وكونها الثانية إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله عنهما ا . ه . واقتصر البيضاوي على أنها الأولى والجلال المحلي على أنها الثانية وهو الأنسب كما قاله البقاعي .

ثم إن الزمخشري سأل سؤالاً على أنها النفخة الأولى بقوله : فإن قلت : أما قال بعد : { يومئذ تعرضون } والعرض إنما هو عند النفخة الثانية ، قلت : جعل اليوم اسماً للحين الواسع الذي تقع فيه النفختان ، والصعقة والنشور والوقوف للحساب ، فلذلك قيل : { يومئذ تعرضون } كما تقول : جئتك عام كذا ، وإنما كان مجيئك في وقت واحد من أوقاته ا . ه .