المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوۡمَئِذٖ يَخۡسَرُ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (27)

27- ولله - وحده - ملك السماوات والأرض خلقاً وملكاً وتدبيراً ، وحين تقوم الساعة - يوم قيامها - يخسر الذين اتبعوا الباطل .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوۡمَئِذٖ يَخۡسَرُ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (27)

ثم أخذت السورة الكريمة فى أواخرها فى تذكير الناس بأهوال يوم القيامة لكي يستعدوا للقاء هذا اليوم بالإِيمان والعمل الصالح ، فذكرتهم بأحوال الأخيار والأشرار في هذا اليوم العصيب ، وبينت لهم أن الندم لن ينفع فى هذا اليوم . . فقال - تعالى - : { وَلِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض . . . وَهُوَ العزيز الحكيم } .

قال الإِمام الرازي : قوله : { وَلِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض } : أنه - تعالى - لما احتج بكونه قادرا على الإِحياء في المرة الأولى ، وعلى كونه قادراً على الإِحياء في المرة الثانية في الآيات المتقدمة ، عمم بعد ذلك الدليل فقال : { وَلِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض } أي : لله - تعالى - القدرة على جميع المكنات سواء أكانت من السماوات أم من الأرض .

أي : { لِلَّهِ } - تعالى - وحده { مُلْكُ السماوات والأرض } خلقا وتصرفا وإحياء وإماتة لا راد لقضائه . ولا معقب لحكمه .

ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة الكافرين يوم القيامة فقال : { وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ المبطلون } .

أي : ولله - تعالى - ملك السماوات والأرض ، وله - أيضا - ملك وقت قيام الساعة ؛ لأنه لا يستطيع أحد أن يعلم وقت قيامها ، أو يتصرف فيه ، إلا هو - عز وجل - وفي اليوم الذي تقوم فيه الساعة يخسر المبطلون ، أنفسهم وأهليهم ، ويصيرون في حال شديدة من الهم والغم والكرب ، لأنهم كذبوا بهذا اليوم ، وكفروا به وقالوا : { مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر } قال الشوكاني وقوله : { وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ المبطلون } أي : المكذبون الكافرون المتعلقون بالأباطيل ، يظهر في ذلك اليوم خسرانهم ؛ لأنهم يصيرون إلى النار ، والعامل في { يَوْمَ } هو الفعل { يَخْسَرُ } ويومئذ بدل منه ، والتنوين للعوض عن المضاف إليه المدلول عليه بما أضيف إليه المبدل منه ، فيكون التقدير : { وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة } يوم تقوم الساعة ، فيكون بدلا توكيديا .

والأحسن أن يكون العامل في { يَوْمَ } هو { مُلْكُ } - أى : ما يدل عليه هذا اللفظ .

أي : ولله - تعالى - ملك السماوات والأرض - وملك يوم تقوم الساعة ، ويكون قوله { يَوْمَئِذٍ } معمولا ليخسر . .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ الله قُضِيَ بالحق وَخَسِرَ هُنَالِكَ المبطلون }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوۡمَئِذٖ يَخۡسَرُ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (27)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلِلّهِ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السّاَعةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولله سلطان السموات السبع والأرض ، دون ما تدعونه له شريكا ، وتعبدونه من دونه ، والذي تدعونه من دونه من الالهة والأنداد في مُلكه وسلطانه ، جارٍ عليه حكمه ، فكيف يكون ما كان كذلك له شريكا ، أم كيف تعبدونه ، وتتركون عبادة مالككم ، ومالك ما تعبدونه من دونه . وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ ، يقول تعالى ذكره : ويوم تجيء الساعة التي يُنْشِر الله فيها الموتى من قبورهم ، ويجمعهم لموقف العرض ، يَخْسَرُ المُبْطِلُونَ : يقول : يغبن فيها الذين أبطلوا في الدنيا في أقوالهم ، ودعواهم لله شريكا ، وعبادتهم آلهة دونه بأن يفوز بمنازله من الجنة المحقون ، ويبدّلوا بها منازل من النار كانت للمحقين ، فجعلت لهم بمنازلهم من الجنة ، ذلك هو الخسران المبين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوۡمَئِذٖ يَخۡسَرُ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (27)

{ وَلِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض } .

اعتراض تذييل لقوله : { قل الله يحييكم ثم يميتكم } [ الجاثية : 26 ] أي لله لا لغيره مُلك السماوات والأرض ، أي فهو المتصرف في أحوال ما حوته السماوات والأرض من إحياء وإماتة ، وغير ذلك بما أوجد من أصولها وما قدّر من أسبابها ووسائلها فليس للدهر تصرف ولا لما سوى الله تعالى . وتقديم المجرور على المسند إليه لإفادة التخصيص لرد معتقدهم من خروج تصرف غيره في بعض ما في السماوات والأرض كقولهم في الدهر .

{ وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ المبطلون }

لما جرى ذِكْر يوم القيامة أعقب بإنذار الذين أنكروه من سوء عاقبتهم فيه .

المبطلون : الآتون بالباطل في معتقداتهم وأقوالهم وأعمالهم إذ الباطل ما ضادَّ الحق . والمقصود منه ابتداء هنا هو الشرك بالله فإنه أعظم الباطل ثم تجيء درجات الباطل متنازلة وما من درجة منها إلا وهي خسارة على فاعلها بقدر فعلته وقد أنذر الله الناس وهو العليم بمقادير تلك الخسارة .

{ ويوم تقوم الساعة } ظرف متعلق ب { يخسر } ، وقدم عليه للاهتمام به واسترعاء الأسماع لما يرد من وصف أحواله .

و { يومئذٍ } توكيد ل { يوم تقوم الساعة } وتنوينه عوض عن المضاف إليه المحذوف لدلالة ما أضيف إليه يومَ عليه ، أي يوم إذْ تقوم الساعة يخسر المبطلون فالتأكيد بتحقيق مضمون الخبر ولتهويل ذلك اليوم .