فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوۡمَئِذٖ يَخۡسَرُ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (27)

ثم لما ذكر سبحانه ما احتج به المشركون وما أجاب به عليهم ذكر اختصاصه بالملك فقال : { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ( 27 ) } .

{ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي هو المتصرف فيهما وحده كما أراد لا يشاركه أحد من عباده ، وهو شامل للإحياء والإماتة المذكورين قبله ، وللجمع والبعث ، وللمخاطبين غيرهم ، ثم توعد أهل الباطل فقال :

{ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ } أي المكذبون الكافرون المتعلقون بالأباطيل ، يظهر في ذلك اليوم خسرانهم ، لأنهم يصيرون إلى النار ، والعامل في يوم هو يخسر ، ويومئذ بدل منه ، والتنوين عوض عن المضاف إليه المدلول عليه بما أضيف إليه المبدل منه فيكون التقدير : ويوم تقوم الساعة يوم تقوم الساعة فيكون بدلا توكيديا ، والأولى أن يكون العامل في يوم هو ملك أي ولله ملك يوم تقوم الساعة ، ويومئذ معمولا ليخسر ، والجملة مستأنفة من حيث اللفظ ، وإن كان لها تعلق بما قبلها من حيث المعنى ، أفاده السمين ، وقال التفتازاني وهذا بالتأكيد أشبه ، وأنّى يتأتى أن هذا مقصود بالنسبة دون الأول ؟ وقال الحفناوي : اليوم في البدل بمعنى الوقت ، والمعنى وقت أن تقوم الساعة ، وتحشر الموتى فيه ، وهو جزء من يوم تقوم الساعة ، فإنه يوم متسع مبدؤه من النفخة الأولى ، فهو بدل البعض . والعائد مقدر ولما كان خسرانهم وقت حشرهم كان هو المقصود بالنسبة .