المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُوٓاْ ءَالِهَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ هُمۡ يُنشِرُونَ} (21)

21- لم يفعل المشركون ما يفعله المقربون من إخلاص العبادة لله ، بل عبدوا غيره ، واتخذوا من الأرض آلهة لا تستحق أن تعبد ، وكيف يُعْبَد من دون الله من لا يستطيع إعادة الحياة ؟ ! .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُوٓاْ ءَالِهَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ هُمۡ يُنشِرُونَ} (21)

وبعد أن بين - سبحانه - أن من مخلوقاته من يقوم بتسبيحه وعبادته بدون انقطاع أو فتور ، أتبع ذلك بتوبيخ المشركين وبإقامة الأدلة على وحدانيته ، واستحالة أن يكون هناك من يشاركه فى ألوهيته فقال - تعالى - : { أَمِ اتخذوا آلِهَةً . . . } .

قال الإمام الرازى : اعلم أن الكلام من أول السورة إلى هنا كان فى النبوات وما يتصل بها من الكلام سؤالا وجوابا ، وأما هذه الآيات فإنها فى بيان التوحيد ونفى الأضداد والأنداد . . . " .

والاستفهام فى قوله { أَمِ اتخذوا } . . . للإنكار والتوبيخ . وقوله : { يُنشِرُونَ } من النشر بمعنى الإحياء والبعث . يقال : أنشر الله - تعالى - الموتى : إذا بعثهم بعد موتهم .

والمعنى : إن هؤلاء الضالين قد أشركوا مع الله - تعالى - آلهة أخرى فى العبادة ، فهل هذه الآلهة التى اتخذوها تستطيع أن تعيد الحياة إلى الأموات ؟

كلا إنها لا تستطيع ذلك بإقرارهم ومشاهدتهم ، وما دام الأمر كذلك فكيف أباحوا لأنفسهم أن يتخذوا آلهة لا تستيطع أن تفعل شيئا من ذلك أو من غيره ؟

إن اتخاذهم هذا لمن أكبر الأدلة وأوضحها على جهالاتهم وسفاهاتهم وسوء تفكيرهم .

قال صاحب الكشاف ما ملخصه : فإن قلت : كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة تنشر . وما كانوا يدّعون ذلك لآلهتهم ، لأنهم كانوا ينكرون البعث أصلا ويقولون : من يحيى العظام وهى رميم ؟ قلت : الأمر كما ذكرت ولكنهم بادعائهم لها الإلهية ، يلزمهم أن يدعوا لها الإنشار ، لأنه لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور ، والإنشار من جملة المقدورات . وفيه باب من التهكم بهم ، والتوبيخ والتجهيل ، وإشعار بأن ما استبعدوه من الله - تعالى - لا يصح استبعاده ، لأن الإلهية لما صحت صح معها الاقتدار على الإبداء والإعادة .

وقوله - سبحانه - { مِّنَ الأرض } متعلق باتخذوا ، و " من " ابتدائية ، أى : اتخذوها من أجزاء الأرض كالحجارة وما يشبهها ، ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة للآلهة ، أى : اتخذوا آلهة كائنة من الأرض . . . . وعلى كلا التقديرين فالمراد بهذا التعبير التحقير والتجهيل .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُوٓاْ ءَالِهَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ هُمۡ يُنشِرُونَ} (21)

وقوله : أم اتخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ يقول تعالى ذكره : أتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الأرض هم ينشرون يعني بقوله «هم » : الاَلهة . يقول : هذه الاَلهة التي اتخذوها تنشر الأموات يقول : يحيون الأموات ، وينشرون الخلق ، فإن الله هو الذي يحيي ويميت . كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : ثني عيسى «ح » وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : يُنْشِرُونَ يقول : يُحيون .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أمِ اتّخَذُوا آلهَةً مِنَ الأرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ يقول : أفي آلهتم أحد يحيي ذلك يُنْشِرُون ؟ وقرأ قول الله : قُلْ مَنْ يَرْزقُكمْ مِنَ السّماءِ والأرْضِ . . . إلى قوله : ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُوٓاْ ءَالِهَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ هُمۡ يُنشِرُونَ} (21)

هذه { أم } التي هي بمنزلة ألف الاستفهام ، وهي هاهنا تقرير وتوقيف ، ومذهب سيبويه أنها بمنزلة بل مع ألف الاستفهام ، كأن في القول إضراباً عن الأول ووقفهم الله تعالى هل { اتخذوا آلهة } يحيون ويخترعون ، أي ليست آلهتكم كذلك فهي آلهة لأن من صفة الإله القدرة على الإحياء والإماتة . وقرأت فرقة «يُنشرون » بضم الياء بمعنى يحيون غيرهم ، وقرأت فرقة «يَنشرون »{[8203]} بمعنى يحيونهم وتدوم حياتهم يقال نشر الميت وأنشره الله تعالى .


[8203]:أي بفتح الياء وضم الشين، فهي مضارع (نشر)، أما القراءة بضم الياء وكسر الشين فهي على أن الفعل مضارع (أنشر)، وهما لغتان، نشر وأنشر متعديان، ونشر يأتي لازما، تقول: أنشر الله الموتى فنشروا، أي: فحيوا، قال ذلك صاحب البحر.