تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَمِ ٱتَّخَذُوٓاْ ءَالِهَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ هُمۡ يُنشِرُونَ} (21)

الآية 21 : وقوله تعالى : { أم اتخذوا آلهة من الأرض } قوله : { أم اتخذوا } استفهام في الظاهر من الخلق ، لكن ذلك من الله على الإيجاب ؛ كأنه قال : قد اتخذوا آلهة . وهكذا كل ما خرج في الظاهر من الله على الاستفهام فإنه على الإيجاب لأنه عالم بما كان ، ويكون ، لا يخفى عليه شيء .

وأما الخلق فإنه يجوز أن يستفهم بعض من بعض لما يخفى على بعض أمور بعض ، فيطلب بعضهم من بعض العلم والفهم بذلك ، والله الموفق .

وقوله تعالى : { هم ينشرون } [ يحتمل ] {[12568]} وجهين :

أحدهما : { هم ينشرون } أي يخلقون ؟ أي اتخذوا آلهة ، لا يخلقون ، كقوله { خلقوا كخلقه } [ الرعد : 16 ] وكيف اتخذوا آلهة ؟ لا يخلقون ، وإنما يعرف الإله بالخلق ، وبآثار تكون في الخلق . فإذا لم يكن من هؤلاء خلق كيف اتخذوها آلهة ؟

والثاني : { هم ينشرون } أي يبعثون ؟ ويحيون ؟ فإن كان على البعث والإحياء ، فكأنه يقول : كيف اتخذوا من لا يملك البعث والإحياء آلهة ؟

وخلق الخلق للبعث والإحياء بعد الموت يخرج على غير الحكمة في الظاهر ، لأن من بنى في الشاهد بناء للنقض خاصة لا لعاقبة يقصدها{[12569]} به كان غير حكيم في فعله عابثا في بنائه . وكذلك قوله : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون } [ المؤمنون : 115 ] جعل خلق الخلق لا للرجوع إليها عبثا ، فيخرج هذا على وجهين :

[ أحدهما ] {[12570]} : { أم اتخذوا آلهة } أي قد اتخذوا { آلهة من الأرض هم ينشرون } ؟ .

[ والثاني ] {[12571]} : أو لم يتخذوا { آلهة من الأرض هم ينشرون } هم يملكون النشر أو النشور ؟ والله أعلم .


[12568]:ساقطة من الأصل و م.
[12569]:في الأصل و م: يقصده.
[12570]:ساقطة من الأصل و م.
[12571]:ساقطة من الأصل و م.