قوله تعالى : «أمِ اتَّخَذُوا » هذه «أَمْ » المنقطعة ، فتقدر ب ( بل ) التي لإضراب الانتقال وبالهمزة التي معناها الإنكار{[28021]} . و «اتخذ » يجوز أن يكون بمعنى ( صنع ) فيتعلق «مِنْ » به{[28022]} وجوَّز أبو حيَّان أن يكون بمعنى ( صَيَّر ) التي في قوله { واتخذ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }{[28023]} ، فقال : وفيه معنى الاصطفاء والاختيار{[28024]} . و «مِنَ الأرْضِ » يجوز أن يتعلق بالاتخاذ كما تقدم ، وأن يتعلق بمحذوف على أنها نعت ل «آلهة » أي من جنس الأرض{[28025]} .
قوله : «هُمْ يُنْشِرون » جملة في محل نصب صفة ل " آلهة " . وقرأ العامة " يُنشرون " بضم حرف المضارعة من أنشر{[28026]} . وقرأ الحسن بفتحها وضم الشين{[28027]} يقال : أنشر الله الموتى فنشروا . ونشر لا يكون لزماً ومتعدياً{[28028]} . قوله{[28029]} : { أَمِ اتخذوا آلِهَةً } استفهام بمعنى الجحد أي{[28030]} لم يتخذوا من الأرض يعني : الأصنام من الأرض والحجارة ، وهما من الأرض ، والمنكر بعد اتخاذهم آلهة من الأرض ينشرون الموتى . فإن قيل : كيف أنكر{[28031]} عليهم اتخاذ آلهة تنشر ، وما كانوا يدعون ذلك لآلهتهم بل كانوا في نهاية البعد عن هذه الدعوى ، فإنهم كانوا مع إقرارهم بالله وأنه خالق السموات والأرض منكرين للبعث ، ويقولون : { مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ }{[28032]} فكيف يدعون ذلك للجماد الذي لا يوصف بالقدرة البتة ؟ فالجواب : أنهم لما اشتغلوا بعبادتها ، ولا بد للعبادة من فائدة ، وهي الثواب ، فإقدامهم على عبادتهم يوجب إقرارهم بكونهم قادرين على الحشر والنشر والثواب والعقاب ، فذكر ذلك على سبيل التهكم بهم ، والمعنى : إذا لم يكونوا قادرين على أن يُحْيوا أو يميتوا ويضروا وينفعوا فأي عقل يجوز اتخاذهم آلهة{[28033]} .
وقوله : «مِنَ الأرْضِ » كقولك : فلان من مكة أو من المدينة{[28034]} . وقوله : «هم » يفيد معنى الخصوصية كأنه قيل : أن اتخذوا آلهة لا يقدرون على الإنشار إلا هم وحدهم{[28035]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.