ثم حكى - سبحانه - لونا من ألوان معاذيرهم الكاذبة فقال : { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ الرحمن مَا عَبَدْنَاهُمْ } .
أى : وقال هؤلاء المشركون على سبيل الاحتجاب بالأعذار الباطلة : لو شاء الرحمن عدم عبادتنا للملائكة أو للأصنام ما عبدناهم .
ثم يرد الله - تعالى - عليهم بما يخرس ألسنتهم ، ويهدم معاذيرهم فقال : { مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } .
أى : قالوا ما قالوه من غير علم أو برهان . . لأن مشيئة الله لا يعلمها أحد سواه ، ولأنه - سبحانه - قد اقتضت حكمته ومشيئته . أن يجعل للانسان القدرة على اختيار طريق الحق أو طريق الباطل ، وهم قد اختاروا طريق الباطل ، واستحبوا الكفر على الإِيمان دون أن يكرههم على ذلك مكره ، فما قالواه ما هو إلا نوع من أنواع خرصهم وكذبهم وظنونهم الفاسدة .
قود فصلنا القول فى مسألة المشيئة عند تفسيرنا لقوله - تعالى - فى سورة الأنعام : { سَيَقُولُ الذين أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ الله مَآ أَشْرَكْنَا . . . } وعند تفسيرنا لقوله - تعالى - فى سورة النحل : { وَقَالَ الذين أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ الله مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ ولا آبَاؤُنَا . . }
القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ الرّحْمََنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ * أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء المشركون من قريش : لو شاء الرحمن ما عبدنا أوثاننا التي نعبدها من دونه ، وإنما لم يحلّ بنا عقوبة على عبادتنا إياها لرضاه منا بعبادتناها . كما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : لَوْ شاءَ الرّحْمَنُ ما عَبَدْناهُمْ للأوثان يقول الله عزّ وجلّ ما لَهُمْ بِذَلكَ مِنْ عِلْم يقول : ما لهم بحقيقة ما يقولون من ذلك من علم ، وإنما يقولونه تخرّصا وتكذّبا ، لأنهم لا خبر عندهم مني بذلك ولا بُرْهان . وإنما يقولونه ظنا وحسبانا إنْ هُمْ إلاّ يَخْرُصُونَ يقول : ما هم إلاّ متخرّصون هذا القول الذي قالوه ، وذلك قولهم لوْ شاءَ الرّحْمَنُ ما عَبَدْناهُمْ . وكان مجاهد يقول في تأويل ذلك ، ما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثنا الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إنْ هُمْ إلاّ يَخْرُصُونَ ما يعلمون قُدرة الله على ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.