المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

أقسم الله تعالى بأقسام ثلاثة على أن أعمال الناس المختلفة : بعضها هدى ، وبعضها ضلال ، فمن أنفق واتقى وصدق بالخصلة الجامعة للخير يسره الله لليسرى ، ومن بخل واستغنى وكذب بالخصلة الجامعة للخير يسره الله للعسرى ، ولا يغني عنه ماله إذا وقع في العذاب ، وقد بينت الآيات بعد ذلك أن الله تكفل بيان طرق الهدى تفضلا منه أن له أمر الحياتين الآخرة والأولى ، وقد أنذر بالنار يصلاها الأشقياء ويتجنبها الأتقياء .

1- أقسم بالليل حين يعم ظلامه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الليل

مقدمة وتمهيد

1- سميت هذه السورة في معظم المصاحف سورة " الليل " وفي بعض كتب التفسير سميت بسورة " والليل " ، وعنون لها الإمام البخاري بسورة " والليل إذا يغشى " ، وعدد آياتها إحدى وعشرون آية .

وجمهور العلماء على أنها مكية ، وقال بعضهم : هي مدنية ، وقال آخرون : بعضها مكي ، وبعضها مدني ، والحق أن هذه السورة من السور المكية الخالصة ، وكان نزولها بعد سورة " الأعلى " وقبل سورة " القمر " ، فهي تعتبر السورة التاسعة في النزول من بين السور المكية .

قال الإمام الشوكاني . وهي مكية عند الجمهور ، فعن ابن عباس قال : نزلت سورة " والليل إذا يغشى " بمكة . وأخرج ابن مردويه عن الزبير مثله . .

وفي رواية عن ابن عباس أنه قال : إني لأقول إن هذه السورة نزلت في السماحة والبخل . . ( {[1]} ) .

وحقا ما قاله ابن عباس –رضي الله عنهما- ، فإن السورة الكريمة ، قد احتوت على بيان شرف المؤمنين ، وفضائل أعمالهم ، ومذمة المشركين ، وسوء فعالهم ، وأنه –تعالى- قد أرسل رسوله للتذكير بالحق ولإنذار المخالفين عن أمره –تعالى- أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .

أقسم الله - سبحانه - فى افتتاح هذه السورة بثلاثة أشياء ، على أن أعمال الناس مختلفة .

أقسم - أولا - بالليل فقال : { والليل إِذَا يغشى } أى : وحق الليل إذا يغشى النهار ، فيغطى ضياءه ، ويذهب نوره ، ويتحول الكون معه من حالة إلى حالة ، إذ عند حلول الليل يسكن الخلق عن الحركة ، ويأوى كل إنسان أو حيوان أو مأواه ، ويستقبلون النوم الذى فيه ما فيه من الراحة لأبدانهم ، كما قال - تعالى - : { وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً . وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً }


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالْلّيْلِ إِذَا يَغْشَىَ * وَالنّهَارِ إِذَا تَجَلّىَ * وَمَا خَلَقَ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ * إِنّ سَعْيَكُمْ لَشَتّىَ * فَأَمّا مَنْ أَعْطَىَ وَاتّقَىَ * وَصَدّقَ بِالْحُسْنَىَ * فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَىَ * وَأَمّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىَ * وَكَذّبَ بِالْحُسْنَىَ * فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَىَ } .

يقول تعالى ذكره مُقسِما بالليل إذا غَشّى النهار بظلمته ، فأذهب ضوءه ، وجاءت ظُلمته : واللّيْلِ إذَا يَغْشَى النهار والنّهارِ إذا تَجَلّى وهذا أيضا قسم ، أقسم بالنهار إذا هو أضاء فأنار ، وظهر للأبصار ، ما كانت ظلمة الليل قد حالت بينها وبين رؤيته وإيتانه إياها عيانا . وكان قتادة يذهب فيما أقسم الله به من الأشياء أنه إنما أقسم به لعِظَم شأنه عنده ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله وَاللّيْلِ إذَا يَغْشَى والنّهارِ إذَا تَجَلّى قال : آيتان عظيمتان يكوّرهما الله على الخلائق .