اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وقيل : مدنية ، وهي إحدى وعشرون آية ، وإحدى وسبعون كلمة ، وثلاثمائة وعشرة أحرف .

قوله تعالى : { والليل إِذَا يغشى } . أي : يغطي ، ولم يذكر مفعولاً ، للعلم به .

وقيل : يغشى النهار .

وقيل : الأرض .

قال قتادة : أول ما خلق الله تعالى النور والظلمة ثم ميز بينهما ، فجعل الظلمة ليلاً أسود مظلماً ، والنور نهاراً والنهار مضيئاً مبصراً{[60323]} .

قال ابن الخطيب{[60324]} : أقسم بالليل الذي يأوي فيه كل حيوان إلى مأواه وتسكن الخلق عن الاضطراب ، ويجيئهم النوم الذي جعله الله تعالى راحة لأبدانهم وغذاء لأرواحهم ثم أقسم تعالى بالنهار إذا تجلى ، لأن النهار إذا كشف بضوئه ما كان في الدنيا من الظلمة ، جاء الوقت الذي يتحرك فيه الناس لمعاشهم والطير والهوام من مكانها ، فلو كان الدهر كله ليلاً لتعذر المعاش ، ولو كان كله نهاراً لبطلت الراحة ، لكن المصلحة في تعاقبهما ، كما قال تعالى : { وَهُوَ الذي جَعَلَ الليل والنهار خِلْفَةً } [ الفرقان : 62 ] ، وقال تعالى : { وَسَخَّرَ لَكُمُ الليل والنهار } [ إبراهيم : 33 ]


[60323]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/609) عن قتادة.
[60324]:الفخر الرازي 31/179.