فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

سورة والليل

هي إحدى وعشرون آية وهي مكية عند الجمهور ، وقيل مدنية قال ابن عباس نزلت بمكة وعن ابن الزبير مثله ، عن جابر بن سمرة قال : " كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الظهر والعصر { والليل إذا يغشى } ونحوها " أخرجه البيهقي في سننه .

وعن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الهاجرة فرفع صوته فقرأ والشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى ، فقال له أبيّ بن كعب يا رسول الله أمرت في هذه الصلاة بشيء قال لا ولكن أردت أن أوقت لكم " أخرجه الطبراني في الأوسط وقد تقدم حديث فهلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشى .

وعن ابن عباس إني لأقول أن هذه السورة نزلت في السماحة والبخل ، قال الرازي نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه وإنفاقه على المسلمين ، وفي أمية بن خلف وبخله وكفره بالله ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والليل إذا يغشى } أي يغطي بظلمته ما كان مضيئا ، قال الزجاج يغشى الليل الأفق وجميع ما بين السماء والأرض ، فيذهب ضوء النهار وقيل يغشى النهار وقيل يغشى الأرض ، والأول أولى ، قال ابن عباس إذا يغشى إذا أظلم .

وعن ابن مسعود قال " إن أبا بكر الصديق اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشر أواق فأعتقه لله فأنزل الله { والليل إذا يغشى } " إلى قوله ، { إن سعيكم لشتى } سعى أبي بكر وأمية وأبيّ إلى قوله { وكذب بالحسنى } قال لا إله إلا الله إلى قوله { فسنيسره للعسرى } قال النار " أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر .

أقسم سبحانه بالليل الذي يأوي فيه كل حيوان إلى مأواه وتسكن الخلق فيه عن التحرك ويغشاهم النوم الذي جعله الله راحة لأبدانهم ، وغذاء لأرواحهم ،