تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

الآيتان 1 و2 : قوله تعالى : { والليل إذا يغشى } { والنهار إذا تجلى } جعل الله تعالى الليل والنهار آيتين عظيمتين ظاهرتين مكررتين على الخلائق ما يعرف كل كافر ومؤمن وجميع أهل التنازع الذين تنازعوا : أهل الإيمان والتوحيد والجبابرة{[23708]} والفراعنة .

والقسم بقوله : { والضحى } [ وقوله ]{[23709]} { والليل إذا سجى } [ الضحى : 1 و2 ] واحد . وقد ذكرنا أن القسم إنما يذكر في تأكيد ما يقع به القسم ما لولا القسم لكان [ ذلك ]{[23710]} يوجب دون القسم ؛ وذلك لعظم ما فيهما حتى قهرا جميع الفراعنة والجبابرة ، وغلبا عليهم في إتيانهما وذهابهما حتى إن من أراد منهم دفع هذا ومجيء هذا ما قدروا عليه .

وفيهما دلالة وحدانيته وألوهيته ، فاتساقهما{[23711]} أو جريانهما على حد واحد وسنن واحد مذ كانا ، وأنشئا من الظلمة والنور والزيادة والنقصان ، فدل جريانهما على ما ذكرنا أن منشئهما واحد ، إذ لو كان فعل عدد لكان إذا جاء هذا ، وغلب الآخر دامت غلبته عليه ، وكذلك الآخر يكون مغلوبا أبدا والآخر غالبا . فإذا لم يكن ذلك دل أنه فعل واحد .

ويدل أيضا على أن ليس ذلك عمل النور والظلمة على ما تقوله الثنوية ، ويدل أيضا ( على أن ){[23712]} منافع أحدهما بمنافع الآخر وعلى{[23713]} أن ذلك عمل واحد لا عدد .

ودل اتساق ما ذكرنا ودوامه{[23714]} على حد واحد على الاستواء أن منشئهما مدبر عليم ، عن تدبير وعلم خرج ذلك لا على الجزاف بلا تدبير . ودل مجيء كل واحد منهما بطرفة عين على أن منشئهما قادر ، لا يعجزه شيء من بعث وغيره{[23715]} . ودل ما ذكرنا أن فاعل ذلك حكيم ، عن حكمة خرج فعله ، لا يحتمل أن يتركهم سدى ، لا يأمرهم ، ولا ينهاهم ( ولا يمتحنهم ){[23716]} بأمور . وكذلك جعل في ما ذكر ( من الذكر ){[23717]} والأنثى من الدلالات والآيات من الازدواج والتوالد والتناسل وغير ذلك .


[23708]:في الأصل وم: من الجبابرة.
[23709]:ساقطة من الأصل وم.
[23710]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل و م.
[23711]:الفاء ساقطة من الأصل وم
[23712]:ساقطة من الأصل وم
[23713]:الواو ساقطة من الأصل وم
[23714]:في الأصل وم: ودوامها.
[23715]:في الأصل وم: ولا غيره
[23716]:من م، ساقطة من الأصل
[23717]:من م، ساقطة من الأصل