تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفتح

مدنية عددها تسع وعشرون آية كوفي

بسم الله الرحمن الرحيم

{ إنا فتحنا لك } يوم الحديبية { فتحا مبينا } آية وذلك أن الله تعالى أنزل بمكة على نبيه صلى الله عليه وسلم :{ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم } [ الأحقاف :9 ] ، ففرح كفار مكة بذلك ، وقالوا : واللات والعزى وما أمره وأمرنا عند إلهه الذي يعبده إلا واحد ولولا أنه ابتدع هذا الأمر من تلقاء نفسه لكان ربه الذي بعثه يخبره بما يفعل به ، وبمن اتبعه كما فعل بسليمان بن داود ، وبعيسى ابن مريم والحواريين ، وكيف أخبرهم بمصيرهم ؟ فأما محمد فلا علم له بما يفعل به ، ولا بنا إن هذا لهو الضلال ، فشق على المسلمين نزول هذه الآية ، فقال أبو بكر ، وعمر ، رضي الله عنهما ، للنبي صلى الله عليه وسلم : ألا تخبرنا ما الله فاعل بك ؟ فقال :" ما أحدث الله إلى أمر بعد" ، فلما قدم المدينة ، قال عبد الله بن أبي رأس المنافقين : كيف تتبعون رجلا لا يدري ما يفعل الله به ، ولا بمن تبعه ؟ وضحكوا من المؤمنين ، وعلم الله ما في قلوب المؤمنين من الحزن ، وعلم فرح المشركين من أهل مكة ، وفرح المنافقين من أهل المدينة ، فأنزل الله تعالى بالمدينة بعدما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية { إنا فتحنا لك } يعني قضينا لك { فتحا مبينا } يعني قضاء بينا ، يعني الإسلام .