تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِيمَٰنٗا مَّعَ إِيمَٰنِهِمۡۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (4)

{ هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين } يعني الطمأنينة { ليزدادوا } يعني لكي يزدادوا { إيمانا مع إيمانهم } يعني تصديقا مع تصديقهم الذي أمرهم الله به في كتابه فيقروا أن يكتبوا باسمك اللهم ، ويقروا بأن يكتبوا هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله ، وذلك أنه لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية بعثت قريش منهم سهيل بن عمرو القرشي ، وحويطب بن عبد العزى ، ومكرز بن حفص بن الأحنف على أن يعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع من عامه ذلك ، على أن تخلى قريش له مكة من العام المقبل ثلاثة أيام ، ففعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وكتبوا بينهم وبينه كتابا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، لعلي بن أبي طالب ، عليه السلام :" اكتب بيننا كتابا : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم" ، فقال سهيل بن عمرو وأصحابه : ما نعرف هذا ، ولكن اكتب ما نعرف باسمك اللهم . فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألا يقروا بذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي ، عليه السلام :" اكتب ما يقولون" ، فكتب باسمك اللهم .

ثم قال :" اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة" ، فقال سهيل بن عمرو وأصحابه : لقد ظلمناك إن علمنا أنك رسول الله ، ونمنعك ونردك عن بيته ، ولا نكتب هذا ، ولكن اكتب الذي نعرف : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" يا علي ، اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله ، وأنا أشهد أني رسول الله ، وأنا محمد بن عبد الله" ، فهم المسلمون ألا يقروا أن يكتبوا هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله ، فأنزل الله السكينة ، يعني الطمأنينة عليهم . فذلك قوله :{ هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين } ، أن يقروا لقريش حتى يكتبوا باسمك اللهم ، إلى آخر القصة ، وأنزل في قول أهل مكة لا نعرف أنك رسول الله ولو علمنا ذلك لقد ظلمنك حين نمنعك عن بيته { وكفى بالله شهيدا } [ الفتح :28 ] أن محمدا رسول الله ، فلا شاهد أفضل منه .

{ ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما } آية عليما بخلقه ، حكيما في أمره .