غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا وَصَرَّفۡنَا فِيهِ مِنَ ٱلۡوَعِيدِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ أَوۡ يُحۡدِثُ لَهُمۡ ذِكۡرٗا} (113)

77

قال جار الله : { وكذلك } عطف على قوله : { كذلك نقص } أي ومثل ذلك الإنزال وعلى نهجه ، وكما أنزلنا عليك هؤلاء الآيات المضمنة للوعيد أنزلنا القرآن كله عربياً لأن العرب أصل وغيرهم تبع لأن النبي عربي . { وصرفنا فيه من الوعيد } كررناه وفصلناه ويدخل في ضمنه الفرائض والمحارم لأن الوعيد يتعلق بترك أحدهما وبفعل الآخر { لعلهم يتقون أن يحدث لهم ذكراً } حمل جار الله الأول على إرادة ترك المعاصي والثاني على فعل الخبر والطاعة ، لأن الذكر قد يطلق على الطاعة والعبادة . قلت : لا ريب أن القرآن ينفر عن السيئات ويبعث على الطاعات من حيث إن فهم معانيه يؤدّي إلى ذلك ، وإنما قدم الأول على الثاني لأن التخلية مقدمة على التحلية . ويحتمل أن تكون التقوى عبارة عن فعل الخيرات وترك المنكرات جميعاً . والذكر يكون محمولاً على ضد النسيان أي إن نسوا شيئاً من التروك والأفعال أحدث لهم ذكراً إذا تأملوا معانية . وكلمة " أو " على الأول للتخيير والإباحة لا للتنافي ، وعلى الثاني يجوز أن تكون للتنافي . وقيل : أراد أنزلنا القرآن ليتقوا فإن لم يحصل ذلك فلا أقل من أن يوجب القرآن لهم ذكراً أي شرفاً ومنصباً كقوله : { وإنه لذكر لك ولقومك } [ الزخرف : 44 ] وعلى التقديرين يكون في إنزال القرآن نفع .

/خ114