الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا وَصَرَّفۡنَا فِيهِ مِنَ ٱلۡوَعِيدِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ أَوۡ يُحۡدِثُ لَهُمۡ ذِكۡرٗا} (113)

قوله : { وَكَذلِكَ أَنزَلْنَاهُ } : نسقٌ على { كَذلِكَ نَقُصُّ } . قال الزمخشري : " ومِثْلُ ذلك الإِنزالِ ، وكما أنزَلْنا عليك هؤلاء الآيات أَنْزَلْنا القرآنَ كلَّه على هذه الوتيرةِ " . وقال غيرُه : " والمعنى : كما قَدَّرْنا هذه الأمورَ وجَعَلْناها حقيقةً بالمرصادِ للعبادِ ، كذلك حَذَّرْنا هؤلاءِ أمرَها وأنزَلْناه قرآناً " .

قوله : { مِنَ الْوَعِيدِ } صفةٌ لمفعولٍ محذوفٍ أي : صَرَّفْنا في القرآنِ وعيداً مِن الوعيد ، والمرادُ به الجنسُ . ويجوزُ أَنْ تكونَ " مِنْ " مزيدةً على رأيِ الأخفشِ في المفعولِ به . والتقديرُ : وصَرَّفْنا فيه الوعيدَ .

وقرأ الحسن " أو يُحْدِثْ " كالجماعة ، إلاَّ أنه سَكَّن لامَ الفعل . وعبد الله والحسنُ أيضاً في روايةٍ ومجاهدٌ وأبو حيوة : " نُحْدِثْ " بالنون وتسكينِ اللام أيضاً . وخُرِّجَ على إجراء الوصل مُجْرى الوقفِ ، أو على تسكينِ الفعل استثقالاً للحركة ، كقول امرىء القيس :

فاليومَ أشرَبْ غيرَ مُسْتَحْقِبٍ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقول جرير :

3324 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** أو نهرُ تِيْرَى فلا تَعْرِفْكُمُ النَّفَرُ

وقد فعلَه كما تقدَّم أبو عمروٍ في الراءِ خاصةً نحو { يَنصُرُكُم } [ آل عمران : 160 ] .

وقُرِىء " تُحْدِثُ " بتاء الخطاب أي : تُحْدِثُ أنت .