فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا وَصَرَّفۡنَا فِيهِ مِنَ ٱلۡوَعِيدِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ أَوۡ يُحۡدِثُ لَهُمۡ ذِكۡرٗا} (113)

{ وكذلك } أي مثل ذلك الإنزال .

{ أنزلناه } أي القرآن كله حال كونه { قرآنا عربيا } أي بلغة العرب ليفهموه ويقفوا على ما فيه من النظم المعجز الدال على كونه خارجا عن طوق البشر نازلا من عند خالق القوى والقدر ، وإضمار القرآن من غير سبق ذكره للإيذان بنباهة شأنه وكونه مركوزا في العقول حاضرا في الأذهان { وصرفنا } أي وبينا { فيه } ضروبا { من الوعيد } تخويفا وتهديدا وكررنا فيه بعضا منه ، والمراد الجنس ومن مزيدة على رأي الأخفش .

{ لعلهم يتقون } أي كي يخافوا الله فيجتنبوا معاصيه ويحذروا عقابه { أو يحدث لهم ذكرا } أي اعتبار واتعاظا بهلاك من تقدمهم من الأمم فيعتبرون ، وقيل ورعا ، وقيل شرفا وقيل طاعة وعبادة لأن الذكر يطلق عليها ، وأضيف الذكر إلى القرآن ولم تضف التقوى إليه ، لأن التقوى عبارة على أن لا يفعل القبيح وذلك استمرار على العدم الأصلي فلم يحسن إسناده إلى القرآن ، وأما حدوث الذكر فأمر يحدث بعد أن لم يكن فجازت إضافته إليه . قاله الكرخي .