غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ وَنَحۡشُرُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ زُرۡقٗا} (102)

77

وفي الصور قولان : أشهرهما أنه القرن يؤيده قوله : { فإذا نقر في الناقور } [ المدثر : 8 ] وإنه تعالى يعرّف أمور الآخرة بأمثال ما شوهد في الدنيا ومن عادة الناس النفخ في البوقات عند الأسفار وفي العساكر فجعل الله تعالى النفخ في تلك الآلة علامة لخراب الدنيا ولإعادة الأموات . وأقربهما من المعقول أن الصور جمع صورة يؤكده قراءة من قرأ بفتح الواو . يقال : صورة وصور كدرة ودرر . والنفخ نفخ الروح فيها ولكنه يرد عليه أن النفخ يتكرر لقوله تعالى : { ثم نفخ فيه أخرى } [ الزمر : 68 ] والإحياء لا يتكرر بعد الموت إلا ما ثبت من سؤال القبر وليس هو بمراد من النفخة الأولى بالاتفاق { ونحشر المجرمين } عن ابن عباس : هم الذين اتخذوا مع الله إلهاً آخر . وقال المعتزلة : هم الكفار والعصاة . وفي الزرق وجوه : قال الضحاك ومقاتل : إن الزرقة أبغض شيء من ألوان العيون إلى العرب ، لأن الروم أعداؤهم وإنهم زرق العيون ، ومن كلامهم في صفة العدوّ " أسود الكبد أصهب السبال أزرق العين " . وقال الكلبي : { رزقاً } أي عمياً . قال الزجاج : يخرجون بصراء في أول أمرهم لقوله : { ليوم تشخص فيه الأبصار } [ إبراهيم : 42 ] ولقوله : { اقرأ كتابك } [ الإسراء : 14 ] ثم يؤل حالهم إلى العمى وإن حدقة من يذهب نور بصرة تزرق . وقيل { زرقاً } أي عطاشا لقوله : { ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً } [ مريم : 86 ] فكأنهم من شدة العطش يتغير سواد عيونهم حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي .

/خ114