قوله : { وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ } نسق على { كَذَلِكَ نَقُصُّ } {[26977]} قال الزمخشري " ومثل ذلك الإنزال وكما أَنْزَلْنَا عليك هؤلاء الآيات أنزلنا القرآن كلَّه على هذه الوتيرة{[26978]} .
وقال غيره{[26979]} : والمَعْنَى كما قدَّرنا هذه الأمور وجعلناها حقيقة بالمرصاد للعباد{[26980]} كذلك حذَّرْنَا هؤلاء أمرها{[26981]} ، { أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } لتفهمه العرب فيقفوا على إعجازه ونظمه ، وخروجه عن الكلام البشري{[26982]} .
{ وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الوعيد } أي : كرَّرْنَاهُ وفصَّلْنَاهُ .
قوله : { مِنَ الوَعِيدِ } صفة لمَفْعُولٍ محذوف ، أي : صرَّفنا في القرآن{[26983]} وعيداً من الوعيد ، والمراد به الجنس .
ويجوز أن تكون " مِنَ " مزيدة على رأي الأخفش{[26984]} في المفعول به ، والتقدير : وصرَّفنا فيه الوعيد " لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون " أي{[26985]} يجتنبون الشرك . { أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } أي : يجدد لهم القرآن عبرة وعظة .
وقرأ الحسن : " أَوْ يُحْدِثْ " كالجماعة إلا أنه سكَّن لام الفعل وعبد الله والحسن أيضاً في رواية ومجاهد وأبو حيوة " نُحْدِثْ " بالنون ، وتسكين اللام أيضاً{[26986]} .
( وخُرِّجَ علَى ){[26987]} إجراء الوصل{[26988]} مجرى الوقف ، أو على تسكين الفعل استثقالاً للحركة ، كقول{[26989]} امرئ القيس :
فَاليَوْمَ أَشْرَبُ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ{[26990]} *** . . .
أَوْ نَهْرُ تِيرَى فَلاَ تَعْرِفُكُمُ العَربُ{[26991]} *** . . .
وقد فعله كما تقدم أبو عمر في الراء خاصة{[26992]} نحو " يَنْصُرُكُم " {[26993]} .
وقرئ : " تُحدث " بتاء ( الخطاب{[26994]} ){[26995]} أي{[26996]} : تُحدث أنتَ{[26997]} .
( قوله : { أَوْ يُحْدِثُ } ){[26998]} فيه سؤالات{[26999]} :
الأول : كيف يكون محدثاً للذكر ؟ والجواب : لمّا حصل الذكر عند قراءته أضيفَ إليه .
الثاني : لِمَ أضيفَ الذكر إلى القرآن ، وما أضيفت التقوى إليه ؟
والجواب : أنَّ{[27000]} التقوى عبارة عن{[27001]} أن لا يفعل القبيح ، وذلك استمرار على العدم الأصلي ، فلم يجز إسناده إلى القرآن ، وأمَّا حدوث الذكر فأمر حدث بعد أن لم يكن ، فجازت إضافته{[27002]} إلى القرآن .
الثالث : كلمة " أو " للمنافاة بين التقوى وحدوث الذكر ، ولا يصح الاتقاء إلا مع الذكر ، فما معناه ؟
والجواب : هذا كقول " جَالِس الحسن أو ابنَ{[27003]} سِيرين{[27004]} ، أي : ( لا تكن خالياً منهما ){[27005]} ، فكذا ههنا .
وقيل : معنى الكلام أنا أنزلنا القرآن ليتَّقوا ، فإن لم يحصل ذلك فلا أقل من أن يحدث القرآن لهم ذكراً وشرفاً وصيتاً حسناً ، وعلى التقديرين يكون إنزاله تقوى{[27006]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.