مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا} (36)

خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش بنت عمته أميمة على مولاه زيد بن حارثة فأبت وأبى أخوها عبد الله فنزلت { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ } أي وما صح لرجل مؤمن ولا امرأة مؤمنة { إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ } أي رسول الله { أمْراً } من الأمور { أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ } أن يختاروا من أمرهم ما شاءوا بل من حقهم أن يجعلوا رأيهم تبعاً لرأيه واختيارهم تلوا لاختياره فقالا : رضينا يا رسول الله ، فأنكحها إياه وساق عنه إليها مهرها . وإنما جمع الضمير في { لَهُمْ } وإن كان من حقه أن يوحد لأن المذكورين وقعا تحت النفي فعما كل مؤمن ومؤمنة فرجع الضمير إلى المعنى لا إلى اللفظ . و { يَكُونَ } بالياء : كوفي ، والخيرة ما يتخير ودل ذلك على أن الأمر للوجوب { وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضلالا مُّبِيناً } فإن كان العصيان عصيان رد وامتناع عن القبول فهو ضلال وكفر ، وإن كان عصيان فعل مع قبول الأمر واعتقاد الوجوب فهو ضلال خطأ وفسق .