محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَنَادَىٰ نُوحٞ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ} (45)

وقوله تعالى :

/ [ 45 ] { ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين 45 } .

{ ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي } إعلام بأن نوحا حملته شفقة الأبوة ، وتعطف الرحم والقرابة ، على طلب نجاته ، لشدة تعلقه به ، واهتمامه بأمره . وقد راعى مع ذلك أدبي الحضرة ، وحسن السؤال ، فقال : { وإن وعدك الحق } ، ولم يقل : لا تخلف وعدك بإنجاء أهلي ، وإنما قال ذلك لفهمه من الأهل ذوي القرابة الصورية ، والرحم النسبية ، وغفل ، لفرط التأسف على ابنه ، عن استثنائه تعالى بقوله : { إلا من سبق عليه القول } ، ولم يتحقق أن ابنه هو الذي سبق عليه القول ، فاستعطف ربه بالاسترحام ، وعرض بقوله : { وأنت أحكم الحاكمين } إلى أن العالم العادل والحكيم لا يخلف وعده .