فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَنَادَىٰ نُوحٞ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ} (45)

معنى : { وَنَادَى نُوح رَبَّهُ } دعاه ، والمراد : أراد دعاءه ، بدليل الفاء في : { فَقَالَ رَبّ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي } وعطف الشيء على نفسه غير سائغ ، فلا بدّ من التقدير المذكور ، ومعنى قوله : { إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي } أنه من الأهل الذين وعدتني بتنجيتهم بقولك : { وأهلك } . فإن قيل : كيف طلب نوح عليه السلام إنجاز ما وعده الله بقوله : { وَأَهْلَكَ } وهو المستثنى منه ، وترك ما يفيده الاستثناء ، وهو : { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول } ؟ فيجاب بأنه لم يعلم إذ ذاك أنه ممن سبق عليه القول ، فإنه كان يظنه من المؤمنين { وَإِنَّ وَعْدَكَ الحق } الذي لا خلف فيه ، وهذا منه { وَأَنتَ أَحْكَمُ الحاكمين } أي : أتقن المتقنين لما يكون به الحكم ، فلا يتطرق إلى حكمك نقض ، وقيل : أراد بأحكم الحاكمين أعلمهم وأعدلهم : أي : أنت أكثر علماً وعدلاً من ذوي الحكم . وقيل : إن الحاكم بمعنى : ذي الحكمة كدارع .

/خ49