محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (46)

[ 46 ] { قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين 46 } .

{ قال يا نوح إنه ليس من أهلك } أي الموعود إنجاؤهم ، بل من المستثنين لكفرهم ، أو ليس منهم أصلا ، لأن مدار الأهلية هو القرابة الدينية ، ولا علاقة بين المؤمن والكافر .

قال القاشاني : أي أن أهلك في الحقيقة هو الذي بينك وبينه القرابة الدينية ، واللحمة المعنوية ، والاتصال الحقيقي لا الصوري . كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : " ألا وإن ولي محمد ، من أطاع الله ، وإن بعدت لحمته . ألا وإن عدوّ محمد ، من عصى الله ، وإن قربت لحمته " .

{ إنه عمل غير صالح } بيّن انتفاء كونه من أهله بأنه غير صالح ، تنبيها على أن أهله / هم الصلحاء ، أهل دينه وشريعته ، وإنه لتماديه في الفساد والغي ، كأن نفسه عمل غير صالح ، وتلويحا بأن سبب النجاة ليس إلا الصلاح ، لا قرابته منك بحسب الصورة ، فمن لا صلاح له ، لا نجاة له . وهذا سر إيثار { غير صالح } على ( عمل فاسد ) .

وقد قرأ يعقوب والكسائي { عمل } بلفظ الماضي ، والباقون بلفظ المصدر ، بجعله نفس العمل ، مبالغة ، كما بيّنا .

{ فلا تسألن ما ليس لك به علم } أي لا تلتمس مني ملتمسا أو التماسا لا تعلم أصواب هو أم غير صواب ؟ حتى تقف على كنهه . قالوا : والنهي إنما هو عن سؤال ما لا حاجة له إليه أصلا ، إما لأنه لا يهم ، أو لأنه قامت القرائن على حاله ، كما هنا ، لا عن السؤال للاسترشاد .

{ إني أعظك أن تكون من الجاهلين } أي أنهاك أن تكون منهم بسؤالك إياي ما لم تعلم .