محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قَالَ سَـَٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَلٖ يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ} (43)

[ 43 ] { قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين 43 } .

{ قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء } أي فلا أغرق { قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم } أي لا مانع اليوم من بلائه ، وهو الطوفان ، إلا الراحم وهو الله تعالى . أو لا عاصم إلا مكان من رحم ، وهم المؤمنون ، يعني السفينة . أو لا عاصم ، / بمعنى لا ذا عصمة إلا من رحمه الله . أو ( إلا ) منقطعة ، أي لكن من رحمه فهو المعصوم .

قال الناصر : الاحتمالات الممكنة أربعة : لا عاصم إلا راحم ، ولا معصوم إلا مرحوم ، ولا عاصم إلا مرحوم ، ولا معصوم إلا راحم . فالأولان استثناء من الجنس ، والآخران من غير الجنس . أي : فيكون منقطعا . أي لكن المرحوم يعصم ، على الأول . ولكن الراحم يعصم من أراد ، على الثاني .

وزاد الزمخشري خامسا وهو : لا عاصم إلا مرحوم ، على أنه من الجنس ، بتأويل حذف المضاف ، تقديره : لا مكان عاصم إلا مكان مرحوم . والمراد بالنفي التعريض بعدم عصمة الجبل ، وبالمثبت التعريض بعصمة السفينة . والكل جائز وبعضها أقرب من بعض انتهى .

{ وحال بينهما الموج } أي صار حائلا بين نوح وابنه ، أو بين ابنه والجبل ، لارتفاعه فوقه { فكان } أي ابنه مع كونه فوق الجبل { من المغرقين } أي الهالكين بالغرق .

وفيه دلالة على هلاك سائر الكفرة على أبلغ وجه ، فكان ذلك أمرا مقرر الوقوع ، غير مفتقر إلى البيان . وفي إيراد { كان } دون ( صار ) مبالغة في كونه منهم - أفاده أبو السعود .