الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَنَادَىٰ نُوحٞ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ} (45)

نداؤه ربه : دعاؤه له ، وهو قوله : { رَبّ } مع ما بعده من اقتضاء وعده في تنجية أهله .

فإن قلت : فإذا كان النداء هو قوله : «رب » فكيف عطف «قال رب » على «نادى » بالفاء ؟ قلت : أريد بالنداء إرادة النداء ، ولو أريد النداء نفسه لجاء ، كما جاء قوله : { إِذْ نادى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً قَالَ رَبّ } [ مريم : 3 ] بغير فاء { إِنَّ ابنى مِنْ أَهْلِى } أي بعض أهلي ، لأنه كان ابنه من صلبه ، أو كان ريبياً له فهو بعض أهله { وَإِنَّ وَعْدَكَ الحق } وأن كل وعد تعده فهو الحق الثابت الذي لا شك في إنجازه والوفاء به ، وقد وعدتني أن تنجي أهلي ، فما بال ولدي ؟ { وَأَنتَ أَحْكَمُ الحاكمين } أي أعلم الحكام وأعدلهم ؛ لأنه لا فضل لحاكم على غيره إلا بالعلم والعدل . ورب غريق في الجهل والجور من متقلدي الحكومة في زمانك قد لقب أقضى القضاة ، ومعناه أحكم الحاكمين فاعتبر واستعبر ويجوز أن يكون من الحكمة على أن يبني من الحكمة حاكم بمعنى النسبة كما قيل دارع من الدرع ، وحائض وطالق على مذهب الخليل .